كتاب يثرب قبل الإسلام
204 ...
3 - طبقة العبيد
تكونت هذه الطبقة في المجتمع العربي نتيجة الغارات التي كانت تشنها القبائل على بعضها، والحروب الطاحنة التي لم تهدأ بينها، ولم يكن ذلك فقط هو السبب في وجود هذه الطبقة، بل كان العرب يجلبون العبيد من شواطئ إفريقيا المجاورة لهم ويبيعونهم في أسواق الرقيق (1).
وانضم إلى هذه الطبقة واعتبر منها أولاد السادة الذين كانوا نتيجة اتصال الأب بإحدى إمائه، ذلك لأن العربي كان شديد الحرص على أن تبقى سلالته بعيدة عن الهجنة، التي تسبب اختلاط الدم العربي بغيره مهما كان نوع هذا الدم، فإذا كان الولد عن هذا الطريق فإن الأب يرفض الإعتراف به، وإلحاقه بنسبه، وينضم إلى طبقة العبيد ويعامل معاملتهم، ويعرف عندهم بالهجين، وإذا كان الأبناء الذين يأتون نتيجة هذا الاتصال سوداً، أطلقوا عليهم اسم الأغربة، والأغربة في الجاهلية، عنترة ابن شداد، وخفاف ابن ندبة، وأبو عمير بن الحباب، وسليك بن المسلكة، وهشام بن عقبة ابن أبي معيط، وهو من المتحضرمين (2).
الوضع الاجتماعي لطبقة العبيد:
كان الوضع الاجتماعي لهذه الطبقة سواء كانوا من المخطوفين في الغارات، أو من المأسورين في المعارك، أو من المجلوبين إلى أسواق العرب، أو ممن شاب نسبهم هجنة، كانوا جميعاً وفي وضع اجتماعي سيء لا يدانيه وضع السوائم والعجماوات، فقد كان العربي يرى أن لبهائمه عليه حقاً، لا يصل إليه ذلك العبد، حتىكان ينتقل من مكان إلى مكان رجاء أن يجد لأنعامه مرتعاً خصباً، في الوقت الذي كان يضرب فيه عنق عبده لأتفه الأسباب، فهو يسعى لإحياء بهائمه، ولا يهمه أن يموت ذلك الإنسان الذي حرم نعمة الحرية لسبب عارض لا دخل له فيه.
...
__________
(1) مكة والمدينة، ص 37.
(2) القاموس مادة (غرب).
الصفحة 204
224