كتاب يثرب قبل الإسلام
26 ...
سكنها هم قوم من عبيل، ولكن من عبيل هذا؟
يقول ابن سعد: (عاد وعبيل ابنا عوض بن إرم بن سام بن نوح) (1) ويقول العصامي: (عبيل بن عوض بن إرم بن سام بن نوح - عليه السلام) (2) ويقول السمهودي عن الكلبي الذي أسند الخبر الى ابن عباس (أن عاداً وعبيلاً ابنا عوض بن إرم بن سام (3) وإلى هنا يقف المؤرخون، فلا يذكرون شيئاً عن عبيل إلا نتفاً قصيرة وسريعة لا تشفي صدر من يبحث عن حقيقتهم ولا تشبع رغبة المستقصي، من ذلك ما ذكره بعض المؤرخين من أن العماليق قد أغاروا على يثرب، فأخرجوا منها عبيلاً، وذهب هؤلاء الى موضع وأقاموا فيه، فجاء سيل عارم فاجتحفهم، فذهب بهم وهلكوا، وسمي الموضع (بالجحفة) (4).على أن عبيلاً نفسه لم يسكن يثرب، ولكن الذي اختطها وسكنها منهم هو الجيل الرابع، فقد أجمع المؤرخون الذين تعرضوا لذكر ذلك على أن الذي اختط يثرب هو (يثرب بن قانية بن مهلائيل بن إرم ابن عبيل) مع اختلاف في الأسماء ويذكرون أن هذا الجيل من عبيل هم الذين عمروا يثرب، واتخذوا بها الدور، والآبار والبساتين، ويروون في ذلك شعراً:
عين جودي على عبيل وهل ... يرجع ما فات فيضها بانسجام
عمروا يثربا وليس بها سفر ... ولا سارح ولا ذو سنام
غرسوا لينها ببحر معين ... ثم حفوا الفسيل بالآجام (5)
وهذا هو كل ما نستطيع أن نقوله عن عبيل، فهم من أبناء سام بن نوح - عليه السلام - وهم من العرب البائدة الذين بادوا في سالف الأزمان، ويذكر العصامي، حديث تبلبل الألسنة، وسببه، واختلاف الناس في لغة التخاطب بعد أن كانوا على لسان واحد، ثم يقول: (وانحازت طائفة منهم ألهمها الله ...
__________
(1) الطبقات، جـ1 ق1، ص19.
(2) سمط النجوم (1/ 128).
(3) وفاء الوفا (1/ 156).
(4) المفصل (1/ 343)، عمدة الأخبار، ص 33، شمط النجوم 1/ 128، معجم البلدان 3/ 62.
(5) سمط النجوم 1/ 128.
الصفحة 26
224