كتاب يثرب قبل الإسلام
29 ...
ونواحيها، وكان منهم ملك الحجاز الأرقم بن أبي الأرقم (1).
ويبدو أن حياة العماليق لم تكن حياة استقرار، بل كانت حياة كر وفر، ومعارك وخصومات، فقد استعبدوا، أقباط مصر، وحكموا الوجه البحري فترة طويلة، كما دخلوا مع الإسرائيليين في معارك عديدة، فكانوا هم أول من قابل بني إسرائيل عقب خروجهم من مصر، وأغاروا على بلادهم حتى أقلقوهم، وتمكنوا من احتلال (أريحا وغزة) (2). ولقد دخل ملك الإسرائيليين - شاؤول، في معارك مع العماليق، حيث جهز جيشاً من اليهود وغزا به ديار العمالقة ودمر أكثرها ومع ذلك ظل العمالقة مصدر قلق لملوك إسرائيل، وقاعدة لغزو أرض اليهود حتى زمن الملك داود، ثم كانت نهايتهم على يد قبيلة شمعون التي أبداتهم عن آخرتهم (3).
هذا هو كل ما نعرفه عن العماليق ولا نستطيع من خلال هذه المعرفة السطحية أن نتعرف على أحوالهم السياسية والاقتصادية والإجتماعية والدينية. ولكننا نستطيع أن نفهم من دخولهم مصر واستعبادهم للأقباط فيها (4) أنهم لم يكونوا يدينون بديانة أهل مصر - عبادة الشمس أو العجل أو بعض الفراعنة - كما نستطيع أن نؤكد أنهم ليسوا يهوداً، وإلا لما أعتدوا على اليهود في ديارهم، وأقلقوهم، حتى اضطر اليهود أن يرفعوا أمرهم لموسى - عليه السلام - وبالتالي لما جهز لهم موسى جيشاً يقاتلهم، وظل يقاتلهم حتى أبادهم، واحتل الإسرائيليون يثرب التي كانوا يقيمون فيها وأقاموا بها (5).
ومع هذا فإننا لا نستطيع أن نحدد الديانة التي كانوا يؤمنون بها، لأنه يحتمل أن كونوا وثنيين حيث كانت إقامتهم الأصلية في العراق، وأهل العراق كانوا يعبدون النجوم والقمر والشمس، وفريق آخر كان يعبد الأصنام، ...
__________
(1) معجم البلدان (4/ 461).
(2) قلب جزيرة العرب، ص 226.
(3) قلب جزيرة العرب، ص 226.
(4) تاريخ ابن خلدون 2/ 27.
(5) الروض، الأنف (4/ 290).
الصفحة 29
224