كتاب يثرب قبل الإسلام
32 ...
منه، وكان الحجاز إذ ذاك أشجر بلاد الله، وأظهره ماءً، قال: وكان هذا أول سكنى اليهود بالحجاز بعد العماليق (1).
ويروي الزبير بن بكار عن محمد بن الحسن بن زبالة، ويسنده هذا إلى جابر بن عبد الله مرفوعاً (أقبل موسى وهارون - عليهما السلام - حاجين، فمرا بالمدينة، فخافا من يهود فخرجا مستخفيين، فنزلا لحدا، فغشى هارون الموت، فقام موسى، فحضر له، ولحده، ثم قال:
يا أخي إنك تموت، فقام هارون فدخل لحده فقبض، فحفى عليه موسى التراب) (2).
ويعلق السمهودي على هذا فيقول وإسناد بن شبة لا بأس به، غير أن فيه رجلاً لم يسم، وسماه ابن زبالة، وذلك المسمى لا بأس به أيضاً، لكن ابن زبالة لا يعتمد عليه في ذلك، ثم قال: (وهو دالٍ على أن اليهود نزلوا المدينة في زمن موسى - عليه السلام - وطالت مدتهم بها في حياته، حتى وقع منهم ما يقتضي خوفه منهم عند مروره (3).
وأما السهيلي، فإنه يذكر السبب الذي من أجله بعث موسى - عليه السلام - هذا البعث، فيقول: (إن السبب في كون اليهود بالمدينة - وهي وسط أرض العرب - أن بني إسرائيل كانت تغير عليهم العماليق من أرض الحجاز، وكانت منازلهم يثرب والجحفة إلى مكة، فشكت بني إسرائيل ذلك إلى موسى، فوجه إليهم جيشاً ... الخ) (4).
وهذه الروايات مجتمعة تدل على ما يأتي:
1 - إن العماليق كانوا يسكنون الحجاز معاصرين لموسى - عليه السلام.
2 - وأنهم كانوا يغيرون على بلاد الإسرائيليين، ويعتدون عليهم.
3 - إن بني إسرائيل شكوا إلى موسى - عليه السلام - اعتداء العماليق عليهم.
__________
(1) أخبار المدينة (مخطوط).
(2) عمدة الأخبار، ص 35.
(3) وفاء الوفا (1/ 162).
(4) الروض، الأنف (4/ 290).
الصفحة 32
224