كتاب يثرب قبل الإسلام

4 - وإن موسى أرسل جيشاً قاتل العماليق، وأفناهم عن آخرهم.
5 - وإن بني إسرائيل سكنوا يثرب بعد قتل العماليق، لما منعهم قولمهم من دخول بلادهم.
أما الأمران الأولان فلا خلاف عليهما وأما الثلاثة الباقية فهي التي فيها المناقشة بين المؤرخين.
فالسهيلي يعقب بعد ذكر القصة مستبعداً أن يكون بنو إسرائيل قد دخلوا يثرب والحجاز في عهد موسى عليه السلام.
ثم قال: وأصح من ذلك ما ذكره الطبري أن نزول بني إسرائيل بالحجاز كان حين وطئ "بختنصر" بلادهم بالشام وخرب بيت المقدس (1).
وأرى أن السهيلي عندما استبعد دخول بني إسرائيل الحجاز في زمن موسى - عليه السلام - لم يعتمد على دليل يمكن أن يقنع في الموضوع، واكتفى ببعد العهد فقط، وذلك لا يكفي في تأييد الدعوى.
وإننا لنرى ابن خلدون يقرر أن مواطن العماليق تهامة من أرض الحجاز وأنهم نزلوها لما اضطهدهم النماردة في العراق، ولم يزالوا مقيمين فيها - تهامة - إلى أن جاء إسماعيل - صلوات الله عليه - وآمن به من آمن منهم، واطرد فيهم الملك، حتى أخرجتهم جُرْهُم من الحرم، فنزل بعضهم بمكان يثرب.
وقد ورد في التوراة أن أول من قابل بني إسرائيل بعد خروجهم من مصر قبيلة العماليق (2) والذي يفهم من هذا أن هذه المعارك الطاحنة التي دارت بين العماليق وبين الإسرائيليين قديمة، وأنها كانت في عهد موسى - عليه السلام - حيث كان خروجهم من مصر على يد موسى، وإذا كان العمالقة موجودين في هذا التاريخ، وإذا كان العماليق قد دخلوا في معارك مريرة مع بني إسرائيل، فما الذي يمنع أن يشكوا بنو إسرائيل لموسى فعل ...
__________
(1) الروض، الأنف (4/ 290).
(2) قلب جزيرة العرب، ص 226.

الصفحة 33