كتاب يثرب قبل الإسلام

34 ...
العمالقة؟ وما الذي يمنع أن يكون موسى أراد تأديبهم، وكفهم عن قومه، فأرسل إليهم هذا الجيش ليحاربهم ويكفهم؟.
لا مانع إذن أن يكون إخراج العماليق من يثرب حدث في عهد موسى، وأن يكون الإسرائيليون قد استطونوا المدينة من ذلك الحين.
الثانية: وهي رواية رزين عن أبي المنذر الشرقي قال: سمعت حديث تأسيس المدينة من سليمان بن عبيد الله بن حنظلة الغسيل قال: وسمعت أيضاً بعض ذلك من رجل من قريش عن أبي عبيدة بن عبد الله بن عمار ابن ياسر، قال: فجمعت حديثهما، لكثرة اتفاقه وقلة اختلافه، قالا: بلغنا أنه لما حج موسى - صلوات الله عليه - حج معه أناس من بني إسرائيل فلما كان في انصرافهم أتوا على المدينة، فرأوا موضعها صفة بلد نبي يجدون وصفه في التوراة بأنه خاتم النبيين فاتورت طائفة منهم على أن يتخلفوا به فنزلوا في موضع سوق بني قينقاع، ثم تألفت إليهم أناس من العرب فرجعوا على دينهم فكانوا أول من سكن موضع المدينة (1).
وهذه الرواية تدل على أن اليهود سكنوا المدينة في عهد (موسى) إلا أنها لا تقول بالمعارك التي دارت بين اليهود والعماليق قبل دخول المدينة، وتنص على أن الذي رغبنهم في سكنها هو أنهم وجدوا صفتها صفة بلد النبي العربي الذي يجدونه مكتوباً عندهم في التوراة، فرغبوا في أن يعيشوا فيها حتى إذا ظهر آمنوا به، وانتصروا على أعدائهم.
وأما قوله في هذه الرواية: (فكانوا أول من سكن موضع المدينة) فالمراد أول من سكنها من اليهود، حيث قد ثبت أن عبيلاً والعماليق كانوا قد سكنوها قبل اليهود.
ويقول ابن النجار: (إن اليهود كانوا يجدون في التوراة أن نبياً يهاجر من العرب الى بلد فيه نخل بين حرتين فأقبلوا من الشام يطلبون صفة البلد ....
__________
(1) وفاء الوفا (1/ 157).

الصفحة 34