كتاب يثرب قبل الإسلام
39 ...
بموسى، فأرسل جيشاً قاتل العماليق، وقتل كل من بلغ الحلم منهم، ثم عادوا إلى بلادهم وعند عدم السماح لهم بدخول بلادهم وعودتهم إلى الحجاز، يكونون قد سكنوا مواطن أخرى غير يثرب.
الثانية: هجرة قبائل شمعون، وهذه كانت بعد القضاء على العماليق، واحتلال البلاد التي كانوا يسكنونها، وكانت هذه الهجرة من فلسطين إلى شمال الحجاز وفي نهاية القرن الحادي عشر قبل الميلاد تقريباً.
وهذه الهجرة هي المذكورة في رواية ابن النجار (وهم - أي اليهود - يجدون في التوراة أن نبياً يهاجر من العرب الى بلد فيه نخل بين حرتين، فأقبلوا من الشام يطلبون صفة البلد، فنزل طائفة بتيماء، وتوطنوا نخلاً، ومضت طائفة، فلما رأوا خيبر ظنوا أنها البلدة التي يهاجر غليها، فأقام بعضهم بها، ومضى أكثرهم وأشرفهم، فلما رأوا يثرب سبخة وحرة ونخلاً قالوا: هذا البلد الذي يكون مهاجر النبي إليه فنزلوه) (1).
والذي يؤكد هذا، ويرجح أن هذه الرواية تشير إلى تلك الهجرة، خلوها من ذكر العماليق حيث كانوا قد قضي عليهم على يد هذه القبائل (وكانت آخرتهم على يد قبيلة شمعون التي قتلتهم عن آخرتهم، واستولت على ديارهم) (2).
كما أنها تدل على اطمئنان بني إسرائيل عند دخولهم جزيرة العرب، فكانوا يرتادون ويختارون، الأماكن التي نزلوا بهامما يدل على عدم وجود معارضة لهم عند دخولهم، ولم يكن لهم ذلك إلا بعد القضاء على العماليق عدوهم اللدود. كذلك لم تشر الرواية إلى الضغط البابلي أو الروماني اللذين كانا سبباً في الهجرتين الآتيتين. لهذا كله يترجح لدينا أن هذه الرواية خاصة بتلك الهجرة.
الثالثة: الهجرة أمام الغزو البابلي المدمر الذي خرب بيت المقدس، ...
__________
(1) أخبار مدينة الرسول، ص 13.
(2) قلب جزيرة العرب، ص 226.
الصفحة 39
224