كتاب يثرب قبل الإسلام

42 ...
وسبى من سبى من بني إسرائيل، لحق قوم منهم بناحية الحجاز فنزلوا وادي القرى، وتيماء ويثرب) (1).
ثم إن جزيرة العرب كان يسيطر عليها النظام القبلي الحر الذي يمكن لليهود أن يعيشوا في رحابه آمنين، وبخاصة إذا حالفوا إحدى القبائل، ونزلوا إلى جوارها.
كما كانت جزيرة العرب بطبيعتها الصحراوية بعيدة عن متناول أيدي أي قوات نظامية، حيث تعوق الرمال سير القوات وتحول بينها وبين التوغل في هذه البلاد.
لا شك أن هذه المزايا تشجع الذين ينشدون الأمن والاستقرار على التوجه إلى هذه البلاد واتخاذها مقراً يجدون فيه راحتهم وطمأنينتهم.
وإني أعتقد أن بني إسرائيل لم يكن لهم بد من التوجه إلى جزيرة العرب، حتى ولو لم يكن لها هذه المزايا، لأنهم كانوا مضطرين إلى ترك بلادهم تحت الضغوط التي فرضت عليهم الهجرة، والفرار من بلادهم، حيث لم يكن لهم في هذه الفترة مكان يأوون إليه كما ذكرت، فالبحر من أمامهم، والبابليون من خلفهم والأشوريون من فوقعهم فأين يفرون إذن؟.
لا بد أن يكون الفرار إلى الجنوب إلى جزيرة العرب وعليهم أن يوجدوا فيها الظروف المناسبة إذا لم تكن موجودة، وقد كان.
منازل بني إسرائيل في يثرب:
إن أهم ما دعا الاسرائيليين إلى الإقامة في يثرب واتخاذها وطناً يسكنونه، ومأوى يفيئون إليه، هي بشرى التوراة لهم بنبوءة محمد - صلى الله عليه وسلم - وإنه سيهاجر إلى بلد فيه نخل بين حرتين، لم يكن الإسرائيليون يعتقدون أنها المدينة وإنما كانوا يأملون ذلك في كل بلد يتصف بهذه الصفة، ولهذا نزل بعضهم بتيماء، ونزل بعضهم بخيبر، ونزل بعضهم بوادي القرى، ونزل ...
__________
(1) فتوح البلدان، ص 29.

الصفحة 42