كتاب يثرب قبل الإسلام

44 ...
أمرها بعد دخولهم إليها بزمن غير طويل وفي نفس الوقت جنبهم ضربة شديدة من عدوهم، حيث لا يستطيع أن يضرب في أنحاء مختلفة في وقت واحد.
ولقد اعتمد اليهود في سياستهم على مبدأ إثارة الأحقاد - فرق تسد - حتى يشتغل عدوهم بنفسه ولا يفكر فيهم، وهذا ما حصل، فبدأوا يكثرون ويقل عدوهم، ويسيطرون ويضعف جارهم، حتى ملكوا وتسلطوا.
2 - الناحية العسكرية: إن انتشار اليهود في أنحاء يثرب جعلهم في وضع المحاصر لها، وهذا هو الذي يلفت نظر الرجل العسكري عندما يرى بأسفل المدينة بين حرة وأقم - الشرقية - وبين مجمع الأسيال مما يلي زغابة (1) وهذه المنطقة تمتد من شرق المدينة الحالية حتى مزرعة الحكومة في شمال المدينة، ثم تتجه غرباً إلى جبل سلع حيث يكون مجمع السيول والتقاؤها، وهو المكان الذي أطلق عليه قديماً اسم يثرب.
وأما بنو قريظة فقد نزلوا بأعلى المدينة، في المنطقة المعروفة الآن بالعوالي، وتمتد منازلهم من الحرة الشرقية إلى قباء إلى جنوبي المسجد الآن وهذا المنزل يقع في الجنوب الشرقي من المدينة، في أقصى منطقة العوالي (2).
يقول ابن النجار: (وخرجت قريظة وإخوانهم بنو هدل ... فتبعوا آثارهم - فنزلوا بالعلية) (3).
وأما بنو قينقاع فقد نزلوا في وسط يثرب بين العالية والسافلة، هناك عند منتهى جسر بطحان مما يلي العالية (4) وقد كانت منازل بني قينقاع محصورة بين الحرة الغربية من الغرب، وحرة مشربة أم إبراهيم من الشرق، كما كانت بين قباء من الجنوب وبين قربان من الشمال ....
__________
(1) أخبار مدينة الرسول، ص 14.
(2) المدينة بين الماضي والحاضر، ص 539.
(3) أخبار مدينة الرسول، ص 4.
(4) وفاء الوفا (1/ 164).

الصفحة 44