كتاب يثرب قبل الإسلام

45 ...
وهكذا أحاط اليهود بيثرب وبقبائلهم الثلاث من أعلاها حيث كان بنو قريظة، ومن أسفلها حيث نزل بنو النضير وفيما حولها من الشرق إلى الغرب كما كان بنو قينقاع.
يقول ابن النجار: (فنزل النضير بمن معه بطحان، فركحوا منها حيث شاءوا يسكن جميعهم زهرة وهي محل بين الحرة - يعني الحرة الشرقية - وبين السافلة مما يلي القف، وكانت لهم بالسافلة ونزل جمهورهم بمكان يقال له، يثرب بمجتمع السيول (سيل بطحان والعقيق وسيل قناة مما يلي زغابة) (1).
ويقول ابن زبالة: (وسيل مهزور ومصدره حرة شوران - اي الحرة الشرقية - وهو يصيب في أموال بني قريظة، ثم يأتي بالمينة فيشقها) (2) والذي يفهم من هذه العبارة أن بني قريظة كانوا يسكنون في الجنوب أي في أعلى المدينة لأن سيل مهزور وهو يأتي من الجنوب الشرقي (3) يمر بهم أولاً ثم ينزل إلى المدينة فيشقها.
لا خلاف بين المؤرخين في أن قريظة نزلت على وادي مهزور في الجنوب الشرقي في اقصى العوالي، ولكن الخلاف بينهم في منزل بني النضير فقد ذكر بعضهم أنهم نزلوا بالسافلة في شمال المدينة، وذكر بعض آخر أنهم نزلوا بالعالية على وادي مذينيب في الجنوب الشرقي أيضاً في موالي المدينة.
ولعل نزول بني النضير بالسافلة في شمال يثرب كان أول قدومهم إليها، ثم عدلوا عن هذا المنزل، وذهبوا إلى الجنوب في عوالي يثرب، وقد ذهب إلى هذا الرأي المجد الفيروز آبادي حيث يروي عن أبي عبيدة فيقول: (إن اليهود لما نزلوا بالمدينة نزلوا بالسافلة فاستوبؤوها، فبعثوا رائداً إلى العالية فرأى بطحان ومهزوراً يهبطان من حرة، ينصب منهما مياه عذبة، فرجع، ...
__________
(1) أخبار مدينة الرسول، ص 14.
(2) أخبار المدينة مخطوط.
(3) المدينة بين الماضي والحاضر، ص 538.

الصفحة 45