كتاب يثرب قبل الإسلام
48 ...
إن اليهود يعتبرون أنفسهم أبناء الله وأحباءه، ويعتقدون أنهم شعب الله المختار، وهم حريصون على أن يحتكروا ذلك الحب لأنفسهم، ويقصروا هذه الخيرية على ذواتهم وبني جلدتهم، لهذا لم يحالوا نشر دينهم، ولم يقبلوا مشاركة غيرهم لهم في ديانتهم، يقول لفنسون:
(ولا شك أنه كان في مقدرة اليهودية أن تزيد في بسط نفوذها الديني بين العرب حتى تبلغ منزلة أرقى مما كانت عليه لو توافرت عند اليهود النية على نشر الدعوة الدينية بطريقة مباشرة، ولكن الذي يعلم تاريخ اليهود يشهد بأن الأمة الإسرائيلية لم تمل بوجه عام إلى إرغام الأمم على اعتناق دينها، وأن نشر الدعوة الدينية من بعض الوجوه محظور على اليهود) (1).
ولقد صرح العهد القديم في الإصحاح الرابع عشر بذلك، حيث جاء فيه، وقد كان اليهود يعتبرون أنفسهم شعب الله المختار من بين شعوب الأرض ولا تسمح أنفسهم أن تكون هذه الميزات لشعب آخر ليس منهم.
جنسية يهود الحجاز:
للمؤرخين في جنسية اليهود الذين سكنوا شمال جزيرة العرب رأيان، أحدهما يقول: إنهم قبائل عربية اعتنقت اليهودية، ويرى هؤلاء أن بني النضير وبني قريظة فخذان من قبيلة جذام، وهي قبيلة اشتهرت باعتناق الديانة النصرانية، ومن أشهر افخاذها (لخم)، فبني النضير وبنو قريظة إذن في الأصل عرب تهودوا، وسكنوا أماكن فسموا بها، فالنضير سموا بذلك لأنهم سكنوا جبلاً يعرف بالنضير (2). وقريظة كذلك سكنوا جبلاً يعرف بقريظة فسموا باسمه (3).
والثاني يقول: أنهم إسرائيليون نزحوا إلى جزيرة العرب، وعلى الرأي الثاني جمهور مؤرخي العرب، وليس لليعقوبي صاحب الرأي الأول دليل إلا ...
__________
(1) تاريخ اليهود في بلاد العرب، ص 73.
(2) تاريخ اليعقوبي، (2/ 49).
(3) نفسه، ص 52.
الصفحة 48
224