كتاب يثرب قبل الإسلام
5 ...
المقدمة
الحمد لله رب العالمين الرحمن الرحيم.
مالك يوم الدين، إياك نعبد وإياك نستعين والصلاة والسلام على سيد المرسلين، وإمام المتقين، وقائد الغر المحجلين، وعلى آله وأصحابه أجمعين، أما بعد.
فإن للمدينة المنورة في نفوس المسلمين منزلة لا تضارعها منزلة، ولها في القلوب حباً لا يعدله حب، والحق أنها جديرة بتلك المنزلة، خليقة بهذا الحب.
ولقد اكتسبت هذه القرية من قرى شبه الجزيرة العربية تلك المنزلة في الجاهلية، فلما جاء الإسلام تأكدت منزلتها، وتغلغلت في القلوب محبتها.
أحب العرب في الجاهلية المدينة، واتخذوها محطاً يستريحون فيه من بعد الشقة وعناء السفر، وكانت المدينة تبادلهم هذا الحب، فيجدون في رحابها الهدوء بعد الإضطراب، وفي بساتينها الطعام والماء، بعد الجوع والعطش، ويجدون في أهلها أهلاً بدلاً من الذين فارقوهم، وهم يشدون الرحال للضرب في الأرض يبتغون من فضل الله، فلا غرابة إذن أن تكون للمدينة منزلة في نفوس الناس ومحبة في قلوبهم.
واستهل الإسلام حياته غريباً في البلد الذي نبت فيه، وعاش المسلمون مضطهدين في مهبط الوحي، وهاجروا الى الحبشة فوجدوا فيها الراحة بعد العناء، والإطمئنان بعد القلق ولكنهم لم يجدوا فيها التربة ...
الصفحة 5
224