كتاب يثرب قبل الإسلام
51 ...
ورسلهم السابقين على محمد - صلى الله عليه وسلم - ظاهرة خلقية بارزة، امتدت إلى عصر رسول الله محمد - صلى الله عليه وسلم - وقتلهم الأنبياء بغير حق نتيجة حتمية لتلك العداوة، ولم تقف عند عصر معين، ولكنها امتدت حتى حاولوا قتل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وكانت غزوة بن النضير بسبب ذلك، والجبن الذي استحكم في قلوبهم حتى قالوا لموسى- عليه السلام - (إن فيها قوماً جبارين، وإنا لن ندخلها حتى يخرجوا منها ... فاذهب أنت وربك فقاتلا إنا ها هنا قاعدون) (1). هو نفسه الجبن الذي أشار إليه القرآن في غزوة النضير (لا يقاتلونكم جميعاً إلا في قرى محصنة أو من وراء جدر بأسهم بينهم شديد، تحسبهم جميعاً وقلوبهم شتى) (2).
والغدر الذي لازمهم، ونقض العهود الذي كان صفة خلقية لهم وإخراج الرسل وطلبهم المعجزات ثم كفرهم بها وتكذيبهم لمن أتى بها ونقضهم الشرائع وتحريفهم الكلام إلى غير ذلك مما لم يخل منه جيل منهم، كل ذلك يدل على أن يهود يثرب من ذرية اليهود الإسرائيليين (ذرية بعضها من بعض) (3).
ولا يخفى أن التشابه في السلوك والأخلاق، وأن التزام نوع خاص من التقاليد والعادات من أكبر الأدلة على وجود ترابط وثيق ونسب قوي، وصلة متينة بين أولئك المتشابهين والملتزمين بعضهم وبعض، وأن الآيات الكريمة التي وردت في سورة البقرة من 83 - 105 لتدل بوضوح على مدى التشابه الحاصل بين يهود موسى - عليه السلام - وبين يهود يثرب في الأخلاق التي أشرنا إليها.
وبهذا يمكن القطع بأن يهود يثرب وشمال الجزيرة كانوا إسرائيليين نازحين، ولم يكونوا عرباً قاطنين.
5 - بناية الحصون والآطام، ويستدل بذلك المؤرخون على أن اليهود ...
__________
(1) المائدة: 22/ 24.
(2) الحشر: 14.
(3) آل عمران: 341.
الصفحة 51
224