كتاب يثرب قبل الإسلام
54 ...
حصونهم قال: "يا إخوان القردة، هل أخزاكم الله، وأنزل بكم نقصته؟ " قالوا: (يا أبا القاسم ما كنت جهولاً) (1).
إن ذلك الحوار بين رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وبين اليهود يدل على أن اليهود كانوا يجيدون العربية كلغة تخاطب يتعاملون بها مع الناس، كما كان منهم الشعراء المجيدون كالسموأل بن عاديا صاحب القصيدة المشهورة التي منها.
لا يسلم الشرف الرفيع من الأذى ... حتى يراق على جوانبه الدم
ومنهم سماك اليهودي الذي روى له ابن هشام كثيراً من الشعر الجيد في رثاء بني النضير، وما جرى لهم (2).
بعدما عرفنا كل ذلك عن اليهود، فإننا نلاحظ أن هناك سؤالاً يفرض نفسه، وبالإجابة عنه يتم الكلام عن اليهود كسكان ليثرب، ذلك السؤال هو: هل كان يثرب سكان من العرب عندما نزلها اليهود؟
يقول إسرائيل ولفنسون: إنها لم تكن آهلة بكثير من السكان العرب، وإنما كان البدو ينتجعون إليها، ثم يرتحلون عنها (3).
ويقول السمهودي: (إنه ممن كان من العرب مع يهود قبل الأوس والخزرج بنو أنيف حي من بلى، ويقال إنهم بقية العماليق، وبنو مريد حي من بلى، وبنو معاوية بن الحارث بن بهثة بن سليم، وبنو الجذماء حي من اليمن) (4). ونحن لا نستطيع الأخذ برأ ولفنسون لأمور:
1 - إن يثرب كانت في ذلك الزمان محطة يقف عندها المتجهون إلى بلاد الشام بالتجارة، كما يقف عندها القادمون من بلاد الشام، ولا يمكن أن تكون قرية في هذا الزمان بهذه المنزلة ثم لا تكون مأهولة بالسكان بل ...
__________
(1) ابن هشام (2/ 234).
(2) ابن هشام () ص 198.
(3) تاريخ اليهود في بلاد العرب، ص 10.
(4) وفاء الوفا (1/ 162).
الصفحة 54
224