كتاب يثرب قبل الإسلام
65 ...
والرخاء ويكونون كذلك قد جاوروا بني قينقاع القبيلة اليهودية الصناعية، وبعض العشائر اليهودية القليلة العدد (1).
ولقد كان لهذا الجوار وهذه المنازل أثر كبير في العلاقات السياسية والإقتصادية والإجتماعية بين اليهود والعرب من جهة، وبين العرب بعضهم وبعض من جهة أخرى، كما سنبينه إن شاء الله تعالى.
اليمن قبل الهجرة
عرفنا أن الأوس والخزرج من أزد اليمن، فلماذا هاجروا وتركوا بلادهم؟ إن بلاد اليمن كانت في ذلك الزمان من أغنى البلاد بخيرتها، جيث الماء وفير والخير كثير، والأرض خصبة، والموقع ممتاز، ولقد ذكر الله - تبارك وتعالى - ذلك في القرآن العظيم حيث قال: (لقد كان لسبأ في مسكنهم آية جنتان، عن يمين وشمال، كانوا من رزق ربكم واشكروا له، بلدة طيبة ورب غفور) (2).
يقول الشوكاني: وهذه المساكن التي كانت لهم، هي التي يقال لها مأرب، وبينها وبين صنعاء ثلاث ليالٍ، ثم قال: والآية هي الجنتان، كانت المرأة تمشي فيها وعلى رأسها المكتل، فيمتلئ من أنواع الفواكه التي تتساقط من غير أن تمسها بيدها (3).
وبلاد اليمن تشمل الزاوية الغربية الجنوبية من الجزيرة، وقد عرفت قديماً بالخصب والغنى وأشهر مدنها صنعاء، وكانت مقر ملوك اليمن قديماً، وبقربها قصر غمدان الشهير، وفي جنوبها الشرقي مدينة مأرب مسكن سبأ، ...
__________
(1) مكة والمدينة، ص 312.
(2) سبأ: آية 15.
(3) فتح القدير (4/ 320).
الصفحة 65
224