كتاب يثرب قبل الإسلام
67 ...
أخرى هي التي فرضت الهجرة على أهل البلاد، فودعوا بلادهم راحلين، وخرجوا منها يطلبون القرار المكين.
أسباب الهجرة:
إن الدارس لأحوال بلاد اليمن الواقف على أوضاعها في الفترة التي سبقت هجرة أهلها إلى الأصقاع المختلفة من الدنيا، يلاحظ أسباباً قوية تلج في طلب الهجرة، وتدعو إلى مفارقة البلاد. وإننا لنلاحظ دائماً أن الأسباب التي تدعو إلى الهجرة لا يمكن أن تكون أسباباص عادية، إذ يصعب على الإنسان مهما كان أن يفارق وطنه، ويودع ارضه لسبب يمكن التغلب عليه، أو يستطيع تلافيه، فإن الوطن عزيز على النفس والأرض التي درج عليها الإنسان غالية نفيسة، إذن فلا بد أن تكون هذه الأسباب فوق طاقة الإنسان، خارجة عن قدرته.
ونحن نلاحظ أيضاً أن الأسباب التي كانت وراء كل هجرة من الهجرات البشرية تنحصر في الأوضاع الآتية:
1 - أسباب دينية: كهجرة أصحاب العقائد إلى بلاد آمنة يمكنهم فيها ممارسة عقائدهم والقيام بشرائعهم حيث لا يمكنهم ذلك في البلاد التي يوجدون فيها.
2 - أسباب سياسية: حيث تكثير الفوضى ويعم الإضطراب ويصبح الناس غير آمنين على ضروريات الحياة، فيضطر الإنسان إلى البحث عن مكان أمين ينعم فيه بالإستقرار.
3 - أسباب اقتصادية: كالقحط، وانعدام الموارد التي يكتسب الناس منها أرزاقهم، فيتجهون إلى الخصب ويقصدون موارد الكسب، وكرغبة الإنسان في توسيع موارده المالية.
4 - أسباب حربية: كالغزو المفاجئ الذي لا يقوى الناس على احتماله، ولا طاقة لهم بصده، فيتركون بلادهم ويتجهون نحو الأمن والسلام.
ولقد كانت هذه الأسباب مجتمعة، باستثناء السبب الديني، موجودة في اليمن قبل هدرة أهله منه، فقد كانت الفوضى ضاربة أطنابها في نواحيه ...
الصفحة 67
224