كتاب يثرب قبل الإسلام

74 ...
أرضها اليهود، وإن كان فيها ناس من العرب، قبل الأوس والخزرج وهم بنو انيف حي من بلى، وبنو فريد حي من بلى أيضاً، وبنو معاوية بن الحارث، وبنو الجذماء وهي حي من اليمن.
إلا أن هؤلاء العرب لم يكن لهم من أمر يثرب شيء، بل كانوا يقيمون في جوار اليهود وظلت الأوضاع على ذلك، حتى دخل الأوس والخزرج يثرب، وكان فيها من اليهود بنو قريظة، وينو النضير، وبنو محمر، وبنو زعوراء، وبنو قينقاع، وبنو ثعلبة، وأهل زهرة، وأهل زبالة، وأهل يثرب، وبنو ماعصة، وبنو عكوة (1) وكان البارزون في يثرب من هؤلاء اليهود هم: بني قريظة، وبني النضير، وبني قينقاع.
نزل الأوس والخزرج يثرب، فوجدوا الأموال والآطام والنخل في أيدي اليهود، ووجدوا العدد والقوة معهم، فسكنت الأوس والخزرج معهم ما شاء الله، ولكنهم لم ينزلوا في مكان واحد، بل انتشروا في أنحائها المختلفة، في قباء وقربان والحرة الشرقية حتى دنت مساكنهم من أحد وانتشروا في نواحي العقيق، وخالطوا العرب الذين كانوا بيثرب، وظلوا يعملون حتى نمت زراعتهم بعد قلة، واتسعت تجارتهم بعد ضيق.
يقول الأصبهاني: (إن الأوس والخزرج توجهوا بعد هجرتهم إلى المدينة، وحين موردوها نزلوا في خرار، ثم تفرقوا، وكان منهم من لجأ إلى أهلها. فأقامت الأوس والخزرج في منازلهم التي نزلوها بالمدينة في جهد وضيق في المعاش، ليسوا بأصحاب زرع ونخل وليس للرجل منهم إلا الإعذاق اليسيرة والمزرعة يستخرجها من أرض موات) (2).
وأخذ النزلاء الجدد يتكاثرون، وأخذت أموالهم في النمو والاتساع ويبدو أن الأوس .. والخزرج كانوا يشعرون بقلتهم أمام أعداد اليهود الهائلة ويحسون بفقرهم أمام ثروتهم الطائلة ....
__________
(1) أخبار مدينة الرسول، ص 17.
(2) الأغاني، (19/ 95 - 96).

الصفحة 74