كتاب يثرب قبل الإسلام
والتوثيق، أما إذا لم يعارض غيره ناقشتها على ضوء الأحداث التاريخية، ثم أثبت ما يترجح لي بعد المناقشة.
وكثيراً ما كانت تظهر لي علة في حدث من الأحداث أو حكمة في أمر من الأمور فأبينها، وأحاول إظهارها حتى يرى القارئ فيها روعة الحادث، أو يأخذ منها عبرة التاريخ.
وكم وقفت على آراء قصرت في التعبير، أو جانبت الصواب في التفكير، فأظهرت عورها، وكشفت مستورها، وأثبت وجه الحق الذي بدا لي فيها مؤيداً بما يرجحه ويقويه.
هذا الى جانب استنتاجات بمقارنة الأحداث، وتحليلات استوجبتها الوقائع وقد أدليت فيها بدلوي راجياً أن أكون قد وفقت فيما استنتجت، ونجحت فيما حللت، وأن أكون قد فتحت بذلك باباً مغلقاً يلجه من يعاود البحث، ويصل منه إلى غاية القصد، إذ ليس المراد الاستئثار، وإنما القصد الوصول الى الحقائق العلمية خالية من الشوائب والأباطيل، وهي كثيرة دست في تاريخنا دساً، وأقحمت بين صحائفه إقحاماً.
ولهذا كان طريق المحدثين، في تقصي حقائق التاريخ هو أضمن الطرق لاستخلاص الصواب، وكشف الزيف والإضطراب، وإثبات الحقائق وإزاحة الأباطيل.
وقد يكون الطريق شاقاً ولكنه مع ذلك هو الطريق الوحيد لتمحيص الروايات وكتابة التاريخ خالياً من الزيف والتشويه.
وإني وإن لم أستطع سلوك هذا الطريق في كل ما أوردته من الروايات إلا أني اقترح أن يكون هذا هو سبيل الباحثين في وقائع تاريخنا الإسلامي إذ ليس التاريخ دون غيره من المواد التي تحري فيها العلماء تحقيق الروايات بأسانيدها، وبينوا صالحها من فاسدها.
أرجو أن يقع هذا الإقتراح من نفوس أساتذتنا الأفاضل موقع القبول وأن يحتل مكانه من مواقع التنفيذ حتى يخرج الى حيز الوجود ....
الصفحة 8
224