كتاب يثرب قبل الإسلام
86 ...
قتال بين الطرفين، هذا يبغي بسط نفوذه وذلك يريد استعادة مكانته.
وإني أعتقد أن الخلاف لم يتعد هذه الحلقة، ولم يتجاوز محيطها، ولو كانت الخلافات عقائدية لحاول كل فريق فرض عقيدته في وقت غلبته وتسلطه، فقد رأينا اليهود متسلطين على يثرب، متحكمين في أوضاعها المختلفة، فترة من الزمان ومع ذلك لم يفرضوا عقيدتهم على العرب الساكنين معهم، ودارت الأيام، ودالت دولة اليهود في يثرب، وعاد للعرب مركزهم الطبيعي، ودخل اليهود في جوار العرب، وحالفت كل جماعة منهم جماعة من العرب يحتمون بهم، ويتقوون على عدوهم، ومع ذلك لم يفرض العرب - الوثنيون - عقيدتهم على بني إسرائيل ولم يطلبوا منهم ترك دينهم واعتناقهم الوثنية التي يدينون بها.
كانت الأديان على هذا متهادنة، وإن حارب أهلها بعضهم بعضاً، وكانت المذاهب على وفاق، بينما كان الخلاف مستحكماً بين أربابها، وظلت الوثنية هي الديانة السائدة في يثرب، وظل الوثنيون هم الكثرة الغالبة في البلاد، ولم يتسطع اليهود بنفوذهم السياسي، ولا يمركزهم الاقتصادي، ولا بتفوقهم الصناعي، أن يؤثروا في هذه النحلة، ولا أن يقللوا عدد معتنقيها.
اصطلاحات
ويجدر بنا هنا أن نتعرض لتوضيح بعض الألفاظ التي استعملها الوثنيون، وذكرها القرآن الكريم، وقد رأيت من المفيد التعريف لهذه الألفاظ قبل الخوض في الموضوع ليكون القارئ على بينة من هذه الألفاظ ومعانيها المستعملة فيها، حتى إذا عرضت له استطاع إدراك المراد بها، والتفريق بينها لأنهم كانوا يطلقونها على ما كانوا يعبدون وهذه الألفاظ هي:
1 - الأصنام.
2 - الأوثان.
3 - الأنصاب ....
الصفحة 86
224