كتاب يثرب قبل الإسلام
89 ...
يطوفون بها، ويعترون عندها، يسمونها الأنصاب، ويسمون الطواف بها الدوار (1).
والذي يظهر أن هذه الكلمة- الأنصاب -كانت جامعة تشمل الأصنام والأوثان والحجارة الغفل، لأنها أطلقت على كل ما كان العرب يعظمونه بالطواف حوله والذبح عنده إلى غير ذلك من أنواع التعظيم.
ولهذا يقول ابن الكلبي: (واستهترت العرب في عبادة الأصنام - أي افرطت - فمنهم من اتخذ بيتاً، ومنهم من اتخذ صنماً، ومن لم يقدر عليه ولا على بناء بيت، نصب حجراً أمام الحرم وأمام غيره مما استحسن، ثم طاف به كطوافة بالبيت، وسموها الأنصاب.
ثم قال: فإذا كانت تماثيل دعوها الأصنام والأوثان، وسموا طوافهم الدوار (2) وخلاصة الكلام أن كلمة أصنام اشتهرت في التماثيل المنحوتة على صورة الإنسان، المصنوعة من الخشب أو الذهب أو الفضة. وكلمة أوثان اشتهرت في التماثيل المنحوتة على صورة الإنسان، المصنوعة من الحجارة. وأما كلمة أنصاب: فهي كلمة عامة جامعة تشمل الأصنام والأوثان والحجارة غير المصنعة التي كان العرب يعظمونها.
واشتهار كلمة الأصنام فيما ذكر لا يمنع استعمالها في غير ذلك فقد استعملت في الأوثان كما استعملت في الصور المصورة في الحائط وغيره، ولعل ذلك هو السبب في ذكر كلمة الأصنام في القرآن الكريم أكثر من ذكر الأوثان والأنصاب فقد ذكرت كلمة الأصنام في القرآن خمس مرات، وكلمة الأوثان ثلاث مرات وكلمة الأنصاب مرة واحدة.
ولاستعمال الكلمة فيما ذكر فسرها الطبري بقوله: (الأصنام جمع صنم، والصنم تمثال من حجر أو خشب أو من غير ذلك في صورة إنسان، ...
__________
(1) الأصنام، ص 42 ويعثرون عندها يعني يذبحون ذبائح الآلهة عندها.
(2) الأصنام، ص 33.
الصفحة 89
224