كتاب يثرب قبل الإسلام

9 ...
وإني لأشعر في قرارة نفسي أني لم أوفِ الموضوع حقه، لا لأني قصرت في جهد أطيقه، ولا لأني ضننت بوقت أستطيع تقديمه، فالله - سبحانه - يعلم أني ما ضننت بوقت، ولا قصرت في جهد، ولكن لأني أشعر أن الموضوع لا يزال قابلاً للمعالجة والاهتمام، ولا تزال الفرصة سانحة لمن يأنس في نفسه القدرة على المعالجة والمعاناة.
ولعل غير يملك من الجهد ما لا أملك، وعنده من الوقت ما لم يتح لي، فيأتي في البحث بما لم أستطع الإتيان به، أو يوفق فيه الى ما لم أوفق إليه، وعندئذٍ تبرز الأفكار الجديدة وتستنبط العبر المفيدة، وتكون الدراسة أدق وأشمل، فتكمل الجوانب التي لم تستكمل صورتها، وتتضح الوجوه التي خفيت بعض معالمها.
وإنني أعتقد أن الباحث مهما أخلص في بحثه، ومهما توفرت له الأسباب الموصلة الى قصده لا بد أن يفوته في الموضوع أمور يستدركها غيره، ويسعى الى تحقيقها من يوفق للإنتباه لها.
ولهذا فإني التمس المعذرة عن التقصير، وأرجو العفو عن الزلل والخطأ غير المقصود والله حسبنا ونعم الوكيل، وهو نعم المولى ونعم النصير.

دكتور
محمد السيد الوكيل ...

الصفحة 9