كتاب يثرب قبل الإسلام
92 ...
فيعبدوه؟ فأعطوه صنماً يقال له: هبل. فقدم به مكة، فنصبه، وأمر الناس بعبادته وتعظيمه) (1).
ويوضح ابن الكلبي سبب خروجه إلى الشام فيقول بعد أن يذكر أنه - عمرو بن لحى - أول من غير دين إسماعيل، فنصب الأوثان، وسيب السائبة، ووصل الوصيلة، وبحر البحيرة، وحمى الحامية، يقول: (ثم أنه مرض مرضاً شديداً، فقيل له: إن بالبلقاء من الشام حمة أن أتيتها برأت، فأتاها فاستحم بها فبرأ، ووجد أهلها يعبدون الأصنام، فقال: ما هذه؟ فقالوا: نستسقي بها المطر، ونستنصر بها على العدو، فسألهم أن يعطوه منها، ففعلوا، فقدم بها مكة، نصبها حول الكعبة) (2).
يقول ابن حجر: (وكان قبل ذلك في زمن جرهم قد فجر رجل يقال له أساف بامرأة يقال لها نائلة في الكعبة، فمسخهما الله - وعلا - حجرين، فأخذهما عمرو بن لحى، فنصبهما حول الكعبة، فصار من يطوف يتمسح بهما، يبدأ بأساف ويختم بنائلة) (3).
ونحن هنا نرى أن الأصنام مجلوبة إلى بلاد العرب، ولم تكن معروفة عندهم، وأنها جلبت إليهم من الشام على يد عمرو بن لحى الخزاعي.
وأما قول ابن حجر: وكان قبل ذلك في زمن جرهم قد فجر رجل ... فإنه يحتمل أن عمرو بن لحى قد أخرجهما ونصبهما عند الكعبة ليكونا عبرة للناس، فلا يجرؤ أحد بعد ذلك على ارتكاب المعصية عند الكعبة، فلما طال بالناس الأمد عظموهما، وعبدوهما.
يقول ابن الكلبي: (وكان لهم اساف ونائلة، لما مسخا حجرين، وضعا عند الكعبة ليتعظ الناس بهما، فلما طال مكثهما، وعبدت الأصنام، عبدا معها) (4).
...
__________
(1) ابن هشام، ص 77م 1.
(2) الأصنام، ص: 8.
(3) الفتح (6/ 549).
(4) الأصنام: ص 29.
الصفحة 92
224