كتاب يثرب قبل الإسلام

93 ...
وهناك رواية ثالثة، يوردها الكلبي فيقول: (وكان لعمرو بن الحى رئى من الجن، وكان يكنى أبا ثمامة فقال له: عجل بالمسير والظعن من تهامة بالسعد والسلامة.
قال: جير ولا إقامة.
قال: أيت ضف جدة، تجد فيها أصناماً معدة، فأوردها تهامة ولا تهاب، ثم أدع العرب إلى عبادتها تجاب.
فأتى شط جدة، فاستثارها، ثم حملها حتى ورد تهامة، وحضر الحج، فدعا العرب إلى عبادتها قاطبة.
فأجابه عوف بن عذرة بن قضاعة فدفع إليه وداً، فأقره بدومة الجندل، وأجابته مضر فدفع إلى الحارث بن تميم بن مضر سواعاً فكان برهاط من بطن نخلة، وأجابته مذحج فدفع إلى أنعم بن عمرو المرادي يغوث وكان بأكمة باليمن، وأجابته همدان، فدفع إلى مالك بن مرثد بن همدان يعوق فكان بقربه يقال لها خيوان من أرض اليمن، وأجابته حمير، فدفع إلى رجل من ذي رعين يقال له معد يكرب نسرا فكان بموضع من أرض سبأ يقال له بخلع.
ثم قال: فلم تزل هذه الأصنام تعبد، حتى بعث الله النبي-ص- فأمر بهدمها) (1) وهذه الأصنام هي التي ذكرها القرآن الكريم في قوله تعالى: (وقالوا: لا تذرن آلهتكم، ولا تذرن وداً ولا سواعا ولا يغوث ويعوق ونسرا) (2).
يقول ابن الكلبي: حدثنا الحسن بن جليل، حدثنا علي بن الصباح قال: أخبرنا أبو المنذر قال: وأخبرني أبي قال: كان ود وسواع ويغوث ويعوق ونسرا قوماً صالحين ماتوا في شهر، فجزع عليهم ذووا أقاربهم، فقال رجل من بني قابيل: يا قوم، هل لكم أن أعمل لكم خمسة أصنام على صورهم، غير أني لا أقدر أن أجعل فيها أرواحاً؟.
...
__________
(1) الأصنام، ص 54 وما بعدها.
(2) نوح: 23.

الصفحة 93