كتاب المدينة المنورة عاصمة الإسلام الأولى

الأمن والطماًنينة، وإنما هي خطوة إيجابية لنشر الدعوة، وتثبيت العقيدة،
وإقامة الدولة التي هي أمل المؤمنين، وليست أرض الحبشة ميدانا لهذا
العمل الجليل.
لقد خبروها بأنفسهم، وعاشوا في رحابها بطاقاتهم، فلم يجدوا فيها ما
يدل على أنها مستعدة لتحتضن تلك الدولة وتعطيها فرص الحياة، لقد ثار
أهله ا على النجاشي لأنه أعلن إسلامه لما سمع ما سمع من وفد المهاجرين،
فكيف تسمح بنشر الدعوة وإقامة الدولة؟ لا بد من البحث عن مكان صالح
يلجأ إليه المهاجرون.
وكان موسم الحج، وكان لقاء العقبة، وسنحت الفرصة، فاهتبلها
المسلمون، وأرسل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مصعب بن عمير مع أهل يثرب يعلمهم
القرآن، ويفقههم في الدين، وفتحت يثرب ذراعيها للوافدين من المؤمنين.
عقبات في الطريق:
لم يرض أهل مكة أن يخرح المسلمون منها إلى أي مكان ولو تركوا
أموالهم وديارهم، لذلك وضعوا العقبات في طريق المهاجرين وحالوا بينهم
وبين ما يريدون، واستعملوا في ذلك شتى الحيل.
فعندما أراد صهيب بن سنان الهجرة تصدوا له، وقالوا: أتيتنا صعلوكا
حقيرا، فكثر مالك عندنا، وبلغت الذي بلغت، تم تريد أدط تخرح بمالك
ونفسك، والله لا يكون ذلك، فقال لهم صهيب، أرأيتم إن جعلت لكم
مالي، أتخلون سبيلي؟ قالوا: نعم، قال: فإني جعلت لكم مالي.
وهذا عياس بن أبي ربيعة، هاجر وبلغ المدينة، ولكن أهله لم يسكتوا
على ذلك، فخرح في أتره أبو جهل بن هشام وأخوه الحارث بن هشام، وكان
عياس ابن عمهما وأخاهما لأمهما، فلما قدما المدينة احتالا عليه، وقالا: إن
أمك قد نذرت ألا يمس رأسها مشط حتى تراك، ولا تستظل من شمس حتى
تراك، فانخدع عياس بحيلتهما رغم نصيحة عمر بن الخطاب - رضي الله عنه-
له، وسار معهما حتى إذا كانوا ببعض الطريق أوثقاه وربطاه، وعادا به إلى مكة
10

الصفحة 10