السياسة الخارجية
تأمين حدود الدولة:
إن أول ما بدأت به الحكومة الإسلامية سياستها الخارجية تأمين حدود
الدولة، حتى لا يطمع فيها طامع، ولا تهددها قوة مهما كانت، ولأن هيبة
الدولة ومكانتها متوقفة على اقتناع الدول الأخرى - وبخاصة المجاورة لها-
بقوتها وقدرتها على حماية حدودها، وكذلك لأن الدولة الناشئة تكون عادة
عرضة للاعتداء من جيرانها، لفرض سلطانهم عليها، ولاعتقادهم أنها لا
نقوى على مقاومتهم.
لهذا كله بدأت الحكومة الإسلامية بتأمين حدود الدولة، وأخذت على
عاتقها تأمين رعاياها من الخارج كما أمنتهم من الداخل ولئن! نت سياسة
الأمة الداخلية قد استغرقت تمانية أعوام تقريبا حتى استقرت، وأصبح الناس
آمنين من الاعتداءات الخارجية على بلدهم، ولم يتم ذلك إلا بعد فتح مكة
في السنة الثامنة للهجرة.
إن تمانية أعوام تعيشها الأمة الناهضة مهددة من جيرانها مدة غير
قصيرة، ولولا ما تحلى به أفراد هذه الأمة من الإيمان العميق، والصبر
الطويل، والاستعداد للتضحية والبذل، ما استطاعوا الصمود أمام هذه المحنة
القاسية، فقد ظلت جيوش مكة تهاجمهم في بلادهم وتقلقهم بغاراتها خمسة
أعوام كاملة، وكان آخر هذه الهجمات الضارية في غزوة الخندق - الأحزاب -
التي ألب فيها اليهود قبائل العرب، وانضموا إليهم، وحاصروا المدينة حصارا