كتاب المدينة المنورة عاصمة الإسلام الأولى

المقبل، خاف أصحابه ألا تفي لهم قريش بذلك، وأن يصدوهم ويقاتلوهم،
وكره أصحابه القتال في الشهر الحرام، فنزلت هذه الاية (1).
روى ذلك السبب الواحدى في أسباب النزول، والسيوطي في لباب
النقول، وابن الجوزي في زاد المسير، وإذا صح هذا كما قلت فإنه يدل
دلالة قاطعة على أن خروج هذه السرايا لم يكن إلا للإرهاب، حيث لم
يؤمروا بالقتال، وحتى إذا كانت الآية نزلت قبل ذلك فإنها ليس فيها إلا الأمر
بقتال من يقاتلهم، ومعنى هذا أنه لا يجوز لهم إخراج الجيوش دلقتال لأنهم
حينئذ يكونون هم المعتدين على أحد التفسيرين للاية الكريمة.
وأما ما كان من قتالهم المشركين في بدر وأحد والخندق، فإنه كان
مأذونا لهم فيه حيث قدم المشركون للحرب، وهم إنما خرجوا لدفعهم
بموجب الإذن السابق في قوله - تعالى -: " اذن للذين يقاتلون باًنهم ظلموا،
وإن الله على نصرهم لقدير " (2).
ونستطيع بعد ذلك أن نجزم بأن هذه البعوث وتلك السرايا، كانت
لإرهاب العدو حتى لا يفكر في الاعتداء، وتأمن الدولة الناشئة من هجوم
مفاجىء على حدودها.
ثانيا: عقد المحالفات:
كانت هذه المحالفات نتيجة للجولات العسكرية التي قام بها الجنود
المسلمون حول المدينة، فقد حققت هذه الجولات هدفها، فألقت الرعب
في قلوب القبايل المجاورة للمدينة والتي يخاف من غدرها، وطلب بعضهم
محالفة المسلمين، منهم ضمرة وكان الذي وادعه منهم عليهم، فحش ابن
عمرو الضمري، وكان سيدهم في زمانه (3).
ومنهم بنو مدلج وقد وادعهم - صلى الله عليه وسلم - أثناء خروجه لغزوة العشيرة من
__________
(1) زاد المسير (1/ 197).
(2) سورة الحج: 39.
(3) ابن هشام (2/ 70 1).
103

الصفحة 103