كتاب المدينة المنورة عاصمة الإسلام الأولى

بطن ينبع، كما حالفه بنو ضمرة، وكانوا حلفاء لبني مدلج (1).
وبمحالفة هذه القباتل أمنت المدينة من اعتداتهم وهجومهم. وأصبحت
القبائل المعادية بين حليف مرتبط بعهده، أو مقهور أفزعته الغزوات والسرايا
فهو يطلب النجاة لنفسه، ولا يفكر في غزوه غيره.
وهكذا أمن الرسول حدود الدولة، وبخاصة بعد أن دخل كثير من
القبائل القريبة من المدينة في الإسلام، وأعلنوا ولاءهم للمسلمين.
إعداد الجيش:
اذن الله للمسلمين في الجهاد بعد أن كان ممنوعا، ثم أمرهم به دفاعا
وهجوما، ومنذ أذن لهم في الجهاد، بدأ رسول الله يعد الجيش. ويعتبر إعداد
الجيش من أسباب نجاج سياسة الدولة الخارجية، لأن الدول لا تحترم إلا
الأقوياء، ولا تسمع إلا فرقعة المدافع وقعقعة السيوف، لهذا كان اهتمام
الرسول - صلى الله عليه وسلم - بإعداد الجيش الإسلامي اهتماما عظيما، وأعطاه أولوية للعناية
وهيأ نفوس المسلمين - للانضواء فيه، والقتال تحت لواته، مجاهدين في
سبيل الله، غايتهم إعلاء كلمة الله، ومن أجل هذه الغاية عبأ الرسول الأمة
كلها تعبئة عامة، ودربهم تدريبا جسميا وروحيا، فتكون الجيش المسلم الذي
فتح الله على يديه، ومكن له في الأرض.
أولا: التعبئة العامة:
كانت الأمة الإسلامية كلها معينة للنهوض بأعباء الدولة، وكان كل فرد
من المسلمين جنديا تحت السلاج، إلا من عذرهم الله - سبحانه - في قوله-
تعالى -: "ليس على الأعمى حرج ولا على الأعرج حرج، ولا على
المريض حرج " (2).
على أن هؤلاء المعذورين، لم يكن عذرهم ليمنعهم من الاشتراك في
__________
(1) نفسه (177/ 2).
(2) الفتح: 17.
104

الصفحة 104