كتاب المدينة المنورة عاصمة الإسلام الأولى

المعارك إذا ما كانت لهم رغبة في ذلك، والأمر حينئذ فوض لقائد الجيش،
فله أن يقبله وله أن يرده مقدرا في ذلك المصلحة العامة للسلمين.
ففي غزوة أحد، جاء عمرو بن الجموج - رضي الله عنه - وكان رجلا
كبير السن، شديد العرج، وله أربعة أبناء كلهم يجاهدون في سبيل الله، فلما
أراد الخروج مع المجاهدين منعه أولاده، وقالوا: نحن نكفيك، فذهب عمرو
إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأخبره خبره مع أبنائه، وقال: أتذن لي يا رسول الله،
فإني أرجو أن أطأ بعرجتي هذه الجنة، فأذن له، واستشهد - رضي الله عنه-
في غزوة أحد، وقال - صلى الله عليه وسلم - "أما أنت فقد عذرك الله، فلا جهاد عليك، وقال
لبنيه: ما عليكم ألا تمنعوه لعل الله أن يرزقه الشهادة " فخرج معه فقتل يوم
أحد) (1).
دور الشباب:
لقد كان للشباب دور مهم وفعال في تكوين الجيش الإسلامي،
والشباب هم عمد الجيوش ودعائمها، وعلى أكتافهم يقوم العمل الجاد المثمر
في الحرب والسلم، فلا غرو أن يتكون الجيش الإسلامي من الشباب في
الدرجة الأولى، وكان من الطبيعي أن يكون الشباب هم الأغلبية الساحقة في
هذا الجيش الفتي.
فمصعب بن عمير - رضي الله عنه - كان فتى يوم صرع في غزوة أحد،
وسعد بن أبي وقاص كان يناهز الثلاتين يوم قال له الرسول في غزوة أخد:
إرم فداك أبى وأمي، وعلي بن أبي طالب كان لا يزيد على ذلك إلا قليلا يوم
تحدى مرحبا في خيبر، وغيرهم مع الشباب الذين حملوا عبء الجهاد في
الجيش الإسلامي (2).
وهذان شابان حدثان يثبتان جدارة في الحرب، وشجاعة نادرة يوم
النزال، وكانا يوم بدر من ألمع المحاربين، عن عبد الرحمن بن عوف قال:
__________
(1) ابن هشام (36/ 3).
(2) القيادة والجندية ص: 156.
105

الصفحة 105