والذي يلفت النظر هنا، ويثير الانتباه حقا موقف سمرة بن جندب، بعد
ما أجاز رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رافع بن خديج.
وقد كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ردهما، ولما قيل له أن رافعا رام أجازه،
عندئذ غضب سمرة وذهب إلى زوج أمه وأخبره أن رسول الله أجاز رافعا
ورده، وقال: إني والله أصرع رافعا، فأخبر الرجل رسول الله أن سمرة يصرع
رافعا، فأجازه الرسول - صلى الله عليه وسلم - (1) -
دور الشيوخ:
ولم يكن الشيوخ أقل رغبة في الجهاد من الشباب، بل كانت لهم همة
عالية، ورغبة صادقة في أن ينالوا ما عند الله من الأجر الذي أعده للشهداء،
ورغم أنهم كانوا معذورين لشيخوختهم، فقد دفعهم إيمانهم ليخرجوا
مجاهدين في سبيل الله.
ولقد خلف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - اليمان - والد حذيفة - وثابت بن وقش
في الاطام مع النساء والصبيان، لأنهما كانا شيخين كبيرين، فقال أحدهما
لصاحبيه: لا أبا لك ما ننتظر؟ فوالله إن بقي لواحد منا في عمره إلا ظمء
حمار - أي شيء يسير من العمر - أفلا نأخذ أسيافنا، تم نلحق برسول الله
- صلى الله عليه وسلم - لعل الله يرزقنا للشهادة؟؟.
فأخذا سيفيهما، ثم خرجا حتى دخلا في الناس من جهة المشركين،
ولم يعلم المسلمون بهما، فأما ثابت فقتله المشركون، وأما اليمان، فاختلفت
عليه أسياف المسلمين فقتلوه: ولم يعرفوه، فقال حذيفة: أبي، فقالوا: والله
إن عرفناه، فقال حذيفة: يغفر الله لكم، وهو أرحم الراحمين (2).
وحتى النساء:
وما قصرت نساء المسلمين في واجب يستطعن القيام به، فقد روى
المؤرخون أن النساء كن يخرجن في الغزوات مع رسول الله والمسلمين، فقد
__________
(1) السيرة الحلية (233/ 2).
(2) نفسه 256، ابن هشام (34/ 3).
107