وأما مصارعته - صلى الله عليه وسلم - فقد رواها ابن القيم عن أبي الشيخ الأصبهاني
بسند متصل عن عبد الله بن الحارث قال: صارع النبي - صلى الله عليه وسلم - أبا ركانة في
الجاهلية - وكان شديدا - فقال: شاة بشاة فصرعه النبي فقال ركانة: عاودني
في أخرى، فصرعه النبي، فقال: عاودني في أخرى، فصرعه النبي - صلى الله عليه وسلم -
فقال ركانه:. ماذا أقول لأهلي؟ شاة أكلها الذئب، وشاة نشزت، فما أقول
للثالثة؟.
فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "ما كنا لنجمع عليك أن نصرعك ونغرمك، خذ
غنمك" (1).
ويعقب ابن القيم بعد ذكر القصة برواتها ومصادرها فيقول: وهذه
المراهنة من رسول الله - جم! نيه - وصديقه هي من الجهاد الذى يظهر الله به
دينه، ولعزه به (2).
وهكذا يتضح لنا أن الإسلام قد ربى المسلمين يربية جسمية تؤهلهم
للاضطلاع بالمهمات العظيمة التي يجب عليهم القيام بها، تربية تضمن لهم
أسباب القوة التي تردع أعداءهم، وترهب من تحدثه نفسه بالوقوف في
طريقهم (3).
المدينة والبلاد الداخلية
والمراد بالبلاد الداخلية بلاد الجزيرة العربية كمكة، والطائف وخيبر،
وكانت علاقة المدينة بهذه البلاد بعد دخول الإسلام فيها علاقات سيئة
للغاية، فقد كان سكان مكة والطاتف وثنيين يبغضون الإسلام، وكل من يعتنق
الإسلام، وكان سكان خيبر من اليهود ولم يكونوا أقل عداوة للمسلمين من
الوثنيين، ولكنهم كانوا أكثر حقدا، وأشد بغضا للإسلام ودولته.
__________
(1) رسالة الفروسية الشرعية ص: 33 وابن هشام (28/ 2).
(2) الفروسية ص: 34.
(3) أنظر الموضوع بالتفصيل في كتابنا القيادة والجندية.
114