كتاب المدينة المنورة عاصمة الإسلام الأولى

الرئاسة، وكان إليهم أمر العرب في الشمال.
فالعرب يعظمونهم ويحترمونهم لأنهم القائمون على أمر مكة، ولكن
بعض القبائل كانت تناصب بني عبد مناف العداء من قديم الزمان حين
اختلف بنو عبد الله وبنو عبد مناف، وتنازعوا السيادة.
فكان مع بني عبد مناف بنو أسد بن عبد العزى، وبنو زهرة بن كلاب،
وبنو تميم بن مرة، وبنو الحارث بن فهر، وكان مع بني عبد الدار بنو مخزوم
ابن يقظة، وبنو سهم بن عمرو، وبنو جمح بن عمرو، وبنو عدي ابن
كعب (1).
وظلت هذه العداوة قاتمة بين الفريقين، حتى إذا بعث النبي - صلى الله عليه وسلم -
وهو من بني عبد مناف، حقد عليه بنو عبد الدار وحلفاوهم وناصبوه العداء.
ويؤيد ذلك ما قاله أبو جهل عمرو بن هشام من بني مخزوم، حين سأله
الأخنس بن شريق، الثقفي عن رأيه فيما سمع من القرآن من رسول الله
- صلى الله عليه وسلم - فأجابه قائلا: ماذا سمعت؟ تنازعنا نحن وبنو عبد مناف الشرف،
أطعموا فأطعمنا، وحملوا فحملنا، وأعطوا فأعطينا، حتى إذا تحاذينا على
الركب وكنا كفرس رهان قالوا: منا نبي يوحى إليه من السماء، فمتى ندرك
مثل هذا؟.
والله لا نؤمن به أبدا ولا نصدقه (2).
وتلك إجابة تدل صراحة على ما كان في نفس أبي جهل وأمثاله من
الحقد على بني عبد مناف، والحسد لهم على ما آتاهم الله من فضله، ولقد
ظهر هذا الحقد منهم على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حين لم يستطيعوا كتمانه فقالوا:
(لولا نزل هذا القرآن على رجل من القريتين عظيم) (3) إنهم كانوا يتمنون أن
تكون النبوة في غير هذا الفرع من قريش، وتمنوا أن تكون في الوليد بن
__________
(1) ابن هشام (121/ 1).
(2) ابن هشام (276/ 2).
(3) الزخرف: 31.
116

الصفحة 116