كتاب المدينة المنورة عاصمة الإسلام الأولى

المغيرة المخزومي، أو عند عروة بن مسعود الثقفي (1).
ثانيا: اختلاف العقيدة:
جاء رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالإسلام دين التوحيد، وكانت الجزيرة العربية
كلها تدين بالوثنية، ما عدا نفرا قليلا من اليهود النازحين إليها، والنصارى من
أهل نجران.
فكان إعلان التوحيد إيذانا بزوال الوثنية، وكان زوال الوثنية زوالا
لعقيدة القوم، وقضاء على آلهتهم التي قد منحوها كل ولائهم وحبهم، ولذلك
هبوا يدافعون عنها بكل إمكانياتهم.
إن التوحيد والشرك نقيضان لا يجتمعان أبدا، لأن التوحيد هو الدينونة
لإله واحد لا شريك له ولا ند والشرك تعدد لآلهة لا تحصى، حتى تعددت فيه
الآلهة بعدد القبائل، وأحيانا بعدد الأفراد.
ومن هنا كانت الخصومة، ولهذا استنكر المشركون أن تكون تلك
الآلهة إلها واحدا، وقالوا في تعجب واستنكار: (أجعل الآلهة إلها واحدا؟ إن
هذا لشيء عجاب) (2).
والخصومة حينئذ تكون خصومة في العقيدة، والعقيدة شقيقة الروح،
وليس من السهل التنازل عنها واستبدالها بغيرها ولهذا كانت العداوة عنيدة
ومستحكمة.
فإذا أضفنا التنافس القبلي إلى العداء القائم على العقيدة، وساند كل
منهما الاخر تبين لنا مدى العنف الذي يمكن أن تكون عليه الخصومة بين
الطرفين.
ولما كانت عقيدة التوحيد هي العقيدة التي أوجب الله - عز وجل - على
الناس جميعا اعتناقها، كما أوجب على معتنقيها أن يحاربوا من يقف في
__________
(1) زاد المسير (7/ 1 31).
(2) ص: 1 5.
117

الصفحة 117