كتاب المدينة المنورة عاصمة الإسلام الأولى

تاديبا لمن تسول له نفسه التمرد، أو إسكاتا لجماعة تحاول رفع صوتها
بمعارضة الوضع الجديد.
وخروح البعوث والسرايا لاداء هذه المهمة لا يكون إلا من جهة قوية
متمكنة فرضت نفوذها، وبسطت سلطانها.
فقد بعث - صلى الله عليه وسلم - عيينة بن حصن إلى بني تميم ليخضعهم ويكسر
شوكتهم فأغار عليهم وأسر منهم حتى جاءوا خاضعين، وكان ذلك في محرم
سنة تسع من الهجرة (1).
وأرسل قطبة بن عامر إلى خثعم في صفر سنة تسع، فشن عليهم
الغارة، واقتتلوا قتالا شديدا وساق المسلمون نعمهم وما غنموا إلى المدينة
ولحقهم القوم فحال بينهم السيل فلم يستطيعوا اللحاق بهم (2).
وفي ربيع الأول سنة تسع بعث الضحاك بن سفيان الكلابي إلى بني
كلاب يدعوهم إلى الإسلام فأبوا فقاتلهم وهزمهم وغنم أموالهم (3).
ولما تراءى لأهل جدة ناس من جهة الحبشة أخبروا الرسول بذلك
فجهز علقمة بن مجزر في ثلاتمائة ووجهه إلى الحبشة في ربيع الاخر سنة
تسع فلما خاض إليهم البحر هربوا فرجع علقمة دون أن يلقى كيدا بعدما
أنزل الرعب في قلوب الحبشة بقدرة جيشه على العبور إليهم وتأديبهم إن
حاولوا التعدي (4).
ووجه كذلك علي بن أبي طالب إلى طيء في مائة وخمسين رجلا من
الأنصار معهم مائة بعير وخمسين فرسا، وذلك ليدعوهم إلى الإسلام، ويهدم
صنمهم، فأغار عليهم مع الفجر، وهدموا الصنم وأحرقوه، وغنموا سبيا ونعما
وشاة وفضة، وكان في السبي سفانة بنت حاتم الطائي، ولما قدموا إلى
__________
(1) ابن القيم (472/ 2).
(2) مختصر السيرة ص: 387.
(3) السيرة النبوية (365/ 2).
(4) نفسه.
121

الصفحة 121