المدينة من الرسول على سفانة فأسلمت وأسلم أخوها عدي بن حاتم
واستعمل علي - رضى الله عنه - على السبي أبا قتادة، وعلى الماشية والرقة
عبد الله بن عتيك (1).
وبإرسال هذه السرايا وإخضاعها للخارجين على الإسلام علمت
الجزيرة العربية كلها أن الإسلام قوة لا تقهر، فخضعت تلك القبايل للإسلام
طائعة أو مكرهة، وأظهرت ولاءها للدولة الجديدة بالإذعان لأوامرها بعد أن
أعلنته بدفع الخراج من إيراداتها.
جـ - غزوة تبوك:
في رجب سنة تسع من الهجرة علم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بأن الروم تعد
جيشا من أربعين ألف رجل لمقاتلته، ودعا الرسول المسلمين ليتجهزوا لغزو
الروم فاجتمع معه ثلاتون ألف رجل، وكانت خيلهم عشرة آلاف فرس (2)،
وخلف رسول الله عليا في أهله، وحث المسلمين على الانفاق فبذلوا شيئا
كثيرا، وكان الوقت شديد الحرارة والبلاد في جدب وقحط، وقد بدأت الثمار
تطيب، وأخذت النفوس تميل إلى الخلود والراحة.
وضرب رسول الله عسكره على ثنية الوداع واستعمل على المدينة محمد
بن سلمة، وهيأ الرسول للسفر، وجد فيه، وأخذ ناس يتخلفون عن الركب،
فيقول الناس: يا رسول الله تخلف فلان، فيقول: "دعوه فإن يكن فيه خير
فسيلحقه الله بكم، وإن يكن غير ذلك فقد أراحكم الله منه" (3).
وكان البكاءون قد جاءوا إلى الرسول يشكون قلة حالتهم، ويطلبون من
الرسول أن يحملهم ليخرجوا معه إلى تبوك، فقال لهم: "لا أجد ما أحملكم
عليه "، فحزنوا، وتولوا وأعينهم تفيض من الدمع حزنا إلا يجدوا ما ينفقون.
__________
(1) ابن القيم (2/ 478).
(2) ابن سعد (119/ 2) القسم الأول، ابن القيم (5/ 3)، هيكل ص: 457.
(3) ابن هشام (124/ 4).
(4) التوبة: 6 5.
122