على مواجهة المسلمين ورضى الرسول بهذه النتيجة من الروم، واعتقد أن
الرعب الذي خالط قلوبهم لن يترك لهم عقولا يفكرون بها في معاودة
المحاولة.
ونجحت خطة الرسول وقبع الروم في بلادهم، ورضوا بالإقامة داخل
حدودها ولكن المسلمين لم يرضوا لهم ذلك فأرسلوا إليهم جيوشهم حتى تم
فتحها في عهد الخليفة عمر بن الخطاب - رضي الله عنه -.
أثر الغزوة في السكان:
لقد كان لهذه الغزوة أثر عظيم في سكان شبه الجزيرة لا يقل روعة
وجلالا عن أثر فتح مكة، ولئن كان فتح مكة قد نبه العرب إلى حقيقة كانت
غاتبة عنهم هي إدراك الحق الذي بعث به الرسول - صلى الله عليه وسلم - فقد كانت غزوة
تبوك داعية لهم لأن يسرعوا بالدخول في هذا الحق الذي دعاهم إليه.
إن إعداد المسلمين لجيش ضخم يبلغ عدده ثلاثين ألفا، ويضم عشرة
الاف فارس أمر لم تعرفه العرب من قبل في بلادها وحيث استطاع
المسلمون تجميع ذلك الجيش فهم إذأ قادرون على أن يفعلوا ما لم يقدر
عليه غيرهم.
وتحريك هذا الجيش من المدينة إلى تبوك في وقت عسرة وشدة في
ذلك النظام وتلك الدقة دليل على عظمة القيادة وحزمها، وعلى حسن تدريب
الجنود وعظيم طاعتهم.
ثم كان فرار الروم وتحصنهم بداخل بلادهم مع أنهم هم البادئون
بالتجميع لغزو المسلمين أعظم دليل على قوة المسلمين التي لا يستطيع أحد
الوقوف في وجهها.
إن الروم هم الذين غلبوا الفرس، وأخرجوهم من جنوب الجزيرة
واستردوا الصليب المقدس وأعادوه إلى القدس في احتفال رائع، يفرون أمام
المسلمين، ولا يقدرون على منازلتهم.