وكان مالك بن عوف يغير على سرحهم ويستولي على ما يقع تحت يده منهم
حتى اشتد الأمر عليهم (1).
وظلت ثقيف في ذلك أشهرا، ثم رأوا الأمر يشتد والوضع يتفاقم.
فالقبائل كلها أسلمت وبايعت وهذه القبائل استباحت أموال ثقيف لأنها لا زالت
مشركة حتى قال بعضهم: ترون أنه لا يأمن لكم سرب، ولا يخرج أحد منكم
إلا اقتطع (2)؟.
تشاور القوم فيما بينهم وعزموا أن يرسلوا وفدا إلى المدينة، يعلن
إسلام ثقيف، ويبايعون رسول الله، ويشترطون لأنفسهم شروطا.
تألف الؤقد من ستة نفر رتيسهم عبد ياليل بن عمرو بن عمير، ورجلان
من الأحلاف هما: الحكم بن عمر وشرحبيل بن غيلان، وثلاثة رجال! ن بني
مالك هم: عثمان بن أبي العاص، وأوس بن عوف ونمير بن خرشة (3)، وسار
الوفد إلى المدينة، ودخلوا على الرسول، فضرب الرسول عليهم قبة من
ناحية مسجده، وكان حلقة الاتصال بينهم وبين الرسول خالد بن سعيد ابن
العاص، وهو الذى كتب لهم الكتاب، وكانوا لا يذوقون طعاما يأتيهم من عند
رسول الله حتى يأكل منه خالد، وظلوا كذلك حتى أسلموا، وفرغوا من
كتابهم (4).
وأما الشروط التي اشترطوها لأنفسهم فهي: أن يدع لهم صنمهم-
اللات - لا يهدمها ثلاث سنين، وأن يعفيهم من الصلاة، وألا يكسروا
أصنامهم بأيديهم (5).
ووقف الرسول من هذه الشروط موقف المفاوض الماهر، يلين فيما لا
بأس به، ولا ضرر منه، ويشتد في الأمور التي لا يجوز فيها اللين، وإننا لنرى
__________
(1) نفسه ص: 100.
(2) مختصر السيرة ص: 370.
(3) ابن هشام (4/ 136).
(4) هيكل ص: 467.
(5) ابن هشام (137/ 4).
128