كتاب المدينة المنورة عاصمة الإسلام الأولى

ولعلهم أطلقوا اسم يثرب على المدينة تغليبا للاسم لأنه كان اسم أكبر
قرية في المنطقة كما نقل ابن زبالة.
والذي يظهر أن اسم المدينة ليس اسما جديدا ليثرب، وإنما هو اسم
أطلق عليها من قديم الزمان، يقول الدكتور جواد علي: وعرفت بالمدينة
كذلك من كلمة (مدينتا) الأرمية التي تعني (مدينة) في عربيتنا، تم يقول:
وبظهر أنها عرفت بمدينة يثرب، على نحو ما وجدنا في كتاب (اصطيفان
البيزنطي) ثم اختصرت فقيل لها: مدينتا أي (المدينة) ولما نزل الرسول بها
عرفت بمدينة الرسول في الإسلام (1).
ويزعم صاحب الرحلة الحجازية أن اسم يثرب تحريف من الاسم
المصري القديم (أثر بيس)، كما أن (طيبة) أطلق على المدينة نقلا عن (طيبة)
المصرية (2)، والذي دعاه إلى ذلك هو اعتقاده باًن اليهود هم الذين أطلقوا
عليها الاسمين، وهم نقلوهما من مصر عند خروجهم منها في زمن موسى-
عليه السلام - والتحقيق الذي ذكرناه لاسم يثرب يتعارض مع ذلك لأن اليهود
قدموا الحجاز والبلدة معروفة باسم يثرب، كما أن اسم طيبة لم يعرف إلا بعد
تسمية الرسول - صلى الله عليه وسلم - لها بذلك الاسم، ولهذا لم يطلق اسم طيبة عليها في
المصادر القديمة التي ذكرتها قبل الهجرة.
روى مسلم في صحيحه عن زيد بن تابت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: إنها
طيبة - يعني المدينة -، وعن جابر بن سمرة قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم -
يقول: "إن الله -تعالى - سمى المدينة طابة " (3).
وحيث تبت بالتحقيق العلمي أنها عرفت من قديم الزمان باسم يثرب
كما عرفت باسم المدينة كما فقل الدكتور جواد عن اصطيفان البيزنطي، فإن
الرسول - صلى الله عليه وسلم - يكون قد نهى عن تسميتها يثرب لما فيه من التوبيخ والملامة،
__________
(1) المفصل (135/ 4).
(2) نقلا عن مكة والمدينة ص: 291.
(3) مسلم بشرح النووى (155/ 9 - % 15).
13

الصفحة 13