وأوصى رسول الله عثمان بن أبي العاص حين بعثه وأمره على ثقيف،
فقال: يا عثمان تجاوز في الصلاة واقدر الناس بأضعفهم، فإن فيهم الكبير
والصغير، والضعيف وذا الحاجة (1). وبإسلام ثقيف دانت شبه الجزيرة
بالإسلام، ولم يعد هناك معارضة تذكر.
جـ - قدوم الوفود:
وجاءت الوفود تترى ممثلة لقباتلها، تعلن ولاءها للإسلام، ودخولها في
دين الله، وقد بلغ عدد الوفود الذين قدموا على رسول الله - غ! يم - واحدا
وسبعين وفدا (2) من أنحاء الجزيرة المختلفة من نجد ومن الحجاز ومن اليمن
ومن عمان ومن البحرين، لم يشذ أحد ولم تتخلف قبيلة إلا ما كان من بني
عامر وبني حنيفة فإنهما تمردتا ولم تدخلا في الإسلام.
أما بنو عامر فقد كان زعيمهم عامر بن الطفيل وأربد بن قيس، وقد ناوا
الرسول، وأراد عامر أن يشاركه في حكم شبه الجزيرة وقال: يا محمد، مالي
إن أسلمت؟ قال الرسول: لك ما للمسلمين، وعليك ما عليهم، فقال: أتجعل
الأمر لي بعدك؟ قال: ليس ذلك إليئ، إنما ذلك إلى الله يجعله حيث يشاء،
لال: فاجعلني على الوبر، وأنت على المدر، قال: لا، قال: فماذا تجعل
لي؟ قال: أجعل لك أعنة الخيل تغزوا عليها، قال: وليس ذلك إليّ اليوم؟.
وكان عامر يريد بذلك أن يشغل الرسول - صلى الله عليه وسلم - ليصرفه عن أربد ابن
قيس حتى يقتله كما اتفقا، ولكن الله عصم نبيه ولم تتم المؤامرة الخبيثة
ورجع الوفد إلى بلادهم خاسئين ومات عامر بالطاعون وفي بيت امرأة
سلولية، وأرسل الله على أربد صاعقة فأحرقته (3).
وأما بنو حنيفة فقد جاء وفدهم ومعهم مسيلمة بن حبيب - الكذاب -
ودخل الوفد على رسول الله، وخلفوا مسيلمة في رحالهم، ولما أسلم القوم
__________
(2) ابن هشام (138/ 4) ورواه مسلم بصيغة أخرى في باب أمر الأئمة بتخفيف الصلاة.
(3) ابن سعد (38/ 1 - 86) القسم الثاني.
(1) مختصر السيرة ص: 414.
135