لمن ليس له عهد من المشركين، وترك للجميع حرية التفكير في مصيرهم،
وتحديد موقفهم فإن شاءوا دخلوا في الإسلام، وإن أبوا كانوا حربا لته
ورسوله.
وانتهز رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فرصة الحج، فهو موسم تجتمع فيه القبائل
من أنحاء شبه الجزيرة فاًرسل أبا بكر- رضي الله عنه - أميرا على الحج
وخرج معه تلاتمائة من المسلمين، وبعث معه - صلى الله عليه وسلم - عشرين بدنة وجعل
عليها ناجية بن جندب، وكان رسول الله قد قلدها وأشعرها بيده، وساق أبو
بكر خمس بدنات (1).
خرج أبو بكر ليحج بالمسلمين، وأهل الشرك يومئذ يحجون على
طريقتهم الجاهلية ونزلت براءة حينئذ، فقال الناس لرسول الله: لو بعثت بها
إلى أبي بكر. فقال: لا يؤدي عني إلا رجل من أهل بيتي، ودعا علي بن أبي
طالب - رضي الله عنه - فقال له: اخرج بهذه القصة من صدر براءه، وأذن في
الناس يوم النحر إذا اجتمعوا بمنى، أنه لا يدخل الجنة كافر، ولا يحج بعد
العام مشرك، ولا يطوف بالبيت عريان، ومن كان له عند رسول الله عهد فهو
إلى مدته (2).
وركب عليّ العضباء ناقة الرسول، ولحق بأبي بكر في الطريق، ومضيا
سويا، أبو بكر أمير الحج وعلي يبلغ بيان رسول الله إلى الناس، ووقف على
يوم النحر عند الجمرة، وقرأ على الناس (براءة من الله ورسوله إلى الذين
عاهدتم من المشركين، فسيحوا في الأرض أربعة أشهر، واعلموا أنكم غير
معجزي الله، وأن الله محزي الكافرين وأذان من الله ورسوله إلى الناس يوم
الحج الأكبر أن الله بريء من المشركين ورسوله فإن تبتم فهو خير لكم، وإن
توليتم فاعلموا أنكم غير معجزي الله، وبشر الذين كفروا بعذاب أليم. . .
الآيات (3).
__________
(1) ابن سعد (121/ 2) القسم الأول، ابن القيم (52/ 3 - 53).
(2) ابن هشام (4/ 141).
(3) التوبة: من 1 - 36، ابن سعد (2/ 121).
133