مجتمعا على المحبة والود.
وكانت السياسة الخارجية متممة للدور الذي بدأه الرسول في الداخل،
فأمن حدود الدولة، وكون لذلك جيشاً رادعا، ودخل في صراعات عنيفة مع
بلاد الجزيرة وخارجها، وعقد معاهدات مع البلاد التي قبلت الدخول معه في
هدنة، واتصل بالدول خارح الجزيرة وداخلها اتصالات دبلوماسية، ثم كانت
وحدة الجزيرة العربية وخضوعها للدولة الإسلامية واجتماعها حول القيادة
الجديدة من زعماء المسلمين، ونسيان ما كان العرب قد تعارفوا عليه من
القيادات والزعامات المحليه أو القبلية (وهكذا باشر محمد سلطة زمنية كالتي
كان يمكن أن يباشرها أي زعيم اخر مستقل مع فارو واحد، هو أن الرباط
الديني بين المسلمين كان يقوم مقام رابطة الأسرة والدم.
وعلى هذه الصورة أصبح الإسلام ولو من الوجهة النظرية على الأقل
كما كان دائما، نظاما سياسيا بقدر ما هو نظام ديني.
وقبيل وفاة محمد - صلى الله عليه وسلم - نرى جميع أنحاء الجزيرة العربية تقريبا تدين
له بالطاعة، وإذا ببلاد العرب التي لم تخضع إطلاقا لأمير من قبل تظهر في
وحدة سياسية، وتخضع لإدارة حاكم مطلق ومن تلك القبائل المتنوعة،
صغيرها وكبيرها، ذات العناصر المختلفة التي قد تبلغ المائة والتي لم تنقطع
عن التنازع والتناحر خلفت رسالة محمد أمة واحدة، وجمعت فكرة الدين
المشترك تحت زعامة واحدة، شتى القبائل في نظام سياسي واحد (1).
__________
(1) الدعوة إلى الإسلام ص 52 - 53.
136