كتاب المدينة المنورة عاصمة الإسلام الأولى

وأقر تسميتها المدينة على ما كانت عليه، وزاد على ذلك فسماها طيبة وطابة،
وسمي سكانها الأنصار.
2 - أسباب نجاح الدعوة في المدينة:
لم تأخذ الدعوة الإسلامية وضعها الطبيعي في مكة، ولم تهيأ لها
الظروف التي تستطيع فيها أن تأخذ طريقها إلى قلوب الناس، وذلك لأن أهل
مكة حسدوا رسول الله على ما آتاه الله من الرسالة، وقالوا: الولا نزل هذا
القرآن على رجل من القريتين عظيم) (1) ودفعهم هذا الحسد إلى الوقوف في
وجه الدعوة وصرف الناس عنها بالإيذاء والتعذيب تارة، وبافتراء التهم
والأكاذيب تارة أخرى.
وعاش المسلمون في مكة أصعب فترة في حياتهم، عاشوا مهددين في
أرواحهم، محرومين من حقوقهم، يتوقعون نزول الموت، أكثر مما يأملون
من الحياة، وكان تربص مشركي مكة بالمؤمنين، واضطهادهم أكبر عامل على
توقف تيار الدعوة في مكة، وأعظم مؤتر في صد الناس عنها، حتى كانت
القبائل ترد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حين يعرض عليها الإسلام بقولها: (أسرتك
وعشيرتك أعلم بك حيث لم يتبعوك) (2).
وعلى العكس من مكة كانت المدينة، حيث تهيأت فيها الظروف،
واستعدت النفوس لقبول الدعوة الجديدة، وتوفرت الدواعي التي مهدت
لاستقرار الدين في قلوب المدعوتن، فلم يكد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يعرضه على
قبائل الأنصار حتى اشرأبت له الأعناق، وتطلعت إليه القلوب، وحمله أهل
المدينة مخافة أن يسبقهم إليه اليهود.
وتتلخص أسباب نجاح الدعوة في المدينة فيما يأتي:
__________
(1) الزخرف: 1".
(2) مختصر سيرة الرسول ص: 149.
14

الصفحة 14