وأحب ان أنبه هنا إلى أن الإسلام لم يطلق حرية التملك بالمعنى
المتبادر إلى الذهن، ولكنه حد للمالك حدودا يجول فيها بجده، ويصول فيها
بكده، وفرض عليه واجبا فى ثروته يؤديه لمستحقيه، وذلك ما نعبر عنه بحرية
التملك بالوجه المشروع.
فالإسلام يرفض الكسب من الطرق الاتية:
الربا والرشوة والاحتكار والغش والاتجار في المسكرات والمخدرات،
ودخل البغاء والغناء والرقص والميسر وأوراق النصيب وبيع الغرر إلى غير
ذلك مما يؤدي إلى الاضرار بالناس.
فالإسلام يوصد أبواب جميع هذه الطرق بحكم القانون، ويحتم على
المرء ألا يكسب المال والثروة إلا بالطرق التي يسدي بها خدمة حقيقية نافعة
لمن سواه من بني آدم (1).
والإسلام يفرض في الأموال أيا كان نوعها حقا معلوما هو المعروف
بالزكاة يؤديه المالك كما فرضه الله، ثم بعد ذلك له أن يكسب وأن يزيد
ثروته إلى اقصى حد يستطيعه الإنسان، والإسلام لا يكون عقبة في طريقه
أبدا، لأنه كلما زادت تروته كلما زادت زكاته، وفي ذلك فائدة عظيمة لذوي
الدخل المحدود من أبناء الأمة.
وهناك فارق ملموس بين نظام الاسلام في حرية التملك وبين النظام
الرأسمالي في ذلك، وهو ان الاسلام يطلق حرية التملك في الحدود
المذكورة داعيا إلى التراحم والتعاطف والتعاون بين أفراد المجتمع، ولهذا
فإن صاحب رأس المال مهما زاد ثروته يشعر بأن من واجبه أن يرحم الفقير،
ويعطف على المسكين، ويتعاون مع باقي أفراد المجتمع على نشر الخبر
وزيادة البر، فلا يكون هناك حقد طبقي بين الأفراد بسبب تكدس الثروات.
أما النظام الرأسمالي فلا يشترط حدودا، ولا يفرض واجبا، ولا يدعو
__________
(1) نظام الحياة ص: 67.
145