إلى التراحم والتعاطف، فلا بأس بأن يكسب الإنسان ثروته عن أي طريق ولو
كان بالرشوة والغش والاحتكار، ولا بأس بأن يسخر صاحب رأس المال
العمال كالدواب، ولا يعطي الأجور إلا كيف يشاء، وهو لا يشعر بمسؤولية
عن الفقراء وذوي العاهات، ولهذا تثور الأحقاد وتتكون الطبقات، ويستغل
أصحاب المذاهب المضادة تلك الحال، ويشعلون نار الفتنة، فلا يكاد يخمد
لها أوار.
وهكذا تكون حرية التملك مع مراعاة الحدود التي بينها الإسلام، وأداء
ما فيها من حق معلوم للسائل والمحروم أساسا قويا يعتمد عليه الاقتصاد
الموجه في الدولة الإسلامية.
3 - مسؤولية الدولة:
والأساس الثالث الذي بني عليه الاقتصاد الإسلامي هو مسؤولية الدولة
عن ضمان الحياة الكريمة لكل فرد من أبنائها، فالدولة في الإسلام مسؤولية
كاملة أمام الله - عز وجل - ثم أمام دستورها الذي فرض في أموال الأغنياء ما
يكفل حق الفقراء.
والرسول - صلى الله عليه وسلم - يبين تلك المسؤولية، ويوضح جسامتها بقوله: "أنا
أولى بالمؤمنين من أنفسهم، فمن توفى من المؤمنين فترك دينا فعليئ
قضاوه، ومن ترك مالا فلورثته " (1).
وجاء في رواية: من ترك مالا فلورثته، ومن ترك كلا فإلينا (3) والحديث
كما نرى بيان لمسؤولية الأمة عن الضعفاء والعجزة وذوي العاهات الذين لا
يقدرون على كسب أرزاقهم ولهذا علق ابن حجر على الحديث بقوله: من
مات وله أولاد، ولم يترك لهم شيئا، فإن نفقتهم تجب في بيت مال
المسلمين (3).
__________
(1) البخاري (9/ 010).
(2) نفسه (5/ 1 6).
(3) فتح الباري (516/ 9).
146