فالدولة في الاسلام مسؤولة عن تأمين الحياة لكل فرد من أفرادها،
فالقادر على العمل وليس له ما يعمل فيه تهىء له الدولة وسائل العمل، كما
فعل الرسول - صلى الله عليه وسلم - مع الرجل المحتطب، والذي لا مال له تعطيه ما يساعده
على إيجاد عمل يكتسب منه رزقه والعاجزون لضعف أو علة تعولهم الدولة
وتؤمن لهم رزقهم.
ولقد عبر عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - عن هذه المسؤولية بينما
يفيد أنها من مهام الخليفة ومن واجباته حين قال: لو عثرت بغلة بالعراق
لسألني الله عنها لم لم اشو لها الطريق.
وهذه الكلمة توضح مدى مسؤولية الخليفة عن كل ما تحت يده، وإذا
كان ذلك عبر موقف الخليفة من الدواب فكيف يكون موقفه ومسؤوليته عن
بني الإنسان؟ ولم تكن تلك الكلمة من عمر، تصريحا لذر الرماد في العيون
أو نوعا من الدعاية التي يتوخاها الحكام، وإنما كان منهجا سلكه عمر، وسار
على هديه. روى أبو يوسف عن عمر بن نافع عن أبي بكر قال: مرعمر ابن
الخطاب - رضي الله عنه - بباب قوم وعليه سائل يسأل، شيخ كبير ضرير
البصر، فضرب عضده من خلفه، وقال: من أي أهل الكتاب أنت؟، فقال
يهودي، قال: فما ألجاك الى ما أرى، قال: أساًل الجزية والحاجة والسن، قال:
فأخذ عمر بيده وذهب به إلى منزله ورضخ له بشيء من المنزل صتم أرسل إلى
خازن بيت المال فقال: أنظر هذا وضربائه، فوالله ما أنصفناه أن أكلنا شبيبته
ثم نخذله عند الهرم " انما الصدقات للفقراء والمساكين " (1).
والفقراء هم المسلمون، وهذا من المساكين من أهل الكتاب ووضع
عنه الجزية وعن ضربائه، قال: قال أبو بكر: أنا شهدت ذلك من عمر ورأيت
ذلك الشيخ (2).
ويروي البلازرى عن هشام بن عمار، أنه سمع المشايخ يذكرون أن
__________
(1) التوبة: الآية: 0 6.
(2) الخراج ص: 126.
147