كله، إذ ليس من المعقول أن يؤمن الإسلام لهم ذلك ولا يضمن لهم نفقته.
وبذلك يكون الإسلام قد قضى على الفقر، فليس فقيرا من له مسكن
يؤويه وزوج تعفه وترضيه، وخادم يلزمه ويكفيه ومركب يقله.
والمؤلفة قلوبهم: وهم قوم المراد من إعطائهم استمالة قلوبهم
للإسلام، أو تثبيتهم عليه، أو كف شرهم عن المسلمين أو رجاء نفعهم
بالدفاع عنهم.
وهؤلاء موكول أمرهم إلى إمام المسلمين فمن رأى في إعطائه مصلحة
تعود على المسلمين أعطاه، وإلا فلا.
وفي الرقاب: والمراد هنا المكاتبون الذين يبتغون الحرية مقابل مبلغ
من المال يؤدونه إلى مواليهم، أو العبيد الذين يشترون ويعتقون.
روى أحمد والدارقطني عن البراء قال: جاء رجل إلى النبي - ع! ي! -
فقال: دلني على عمل يقربني من الجنة ويبعدني من النار فقال: "أعتق
النسمة، وفك الرقبة " فقال: يا رسول الله، أو ليسا واحدا؟ قال: "لا، عتق
الرقبة أن تنفرد بعتقها، وفك الرقبة أن تعين بثمنها 1).
والإسلام إنما جعل في الزكاة حصته لذلك لأنه يريد تحرير الناس
وتخليص رقابهم من عبودية الناس، ولأنه يريد الحرية للناس، الحرية
الحقيقية التي تمكنهم من ممارسة حقوقهم من غير قيود فتنطلق عقولهم مفكرة
فيما يعود على الإنسانية بالخير، وتنطلق أيديهم فتعمل وتنتج للأمة الخير،
وتنطلق أرواحهم فيخرجون بها مجاهدين في سبيل الله لإعلاء كلمة الله.
والغارمون: وهم الذين تحملوا ديونا لأنفسهم في مصلحة مباحة أو
واجبة ككسوة أو علاج أو زواج أو بناء أو شراء أثاث (1)، أو نزلت بهم كوارث
وجوائح قضت على ما يملكون، فهؤلاء عدهم مجاهد -رحمه الله - من
__________
(1) فقه الزكاة (623/ 2).
154