الغارمين، حين قال: ثلاثة من الغارمين: رجل ذهب السيل بماله، ورجل
أصابه حريق ذهب بماله، ورجل له عيال وليس له مال، فهو يدان وينفق على
عياله (1).
والإسلام بتأمين حق هؤلاء من الزكاة يكون قد وضع نظاما للتحمل عن
ذوي التبعات والبلاء ما يقضي عنهم ديونهم، ويعوضهم عما أصابهم، وهو
نوع من التأمين الاجتماعي بدون مقابل، نوع لم تعرفه شركات التأمين
الحديثة التي تزعم أنها أنشئت لمصلحة الناس، وهي في الحقيقة أنشئت
للربح والإتجاروالمراباة بأموال الناس.
يقول الدكتور يوسف القرضاوي: والزكاة بهذا تقوم بنوع من التأمين
الاجتماعي ضد الكوارث ومفاجات الحياة، سبق كل ما عرفه العالم - بعد-
من أنواع التأمين. . . فالتأمين على الطريقة الغربية لا يعوض إلا من اشترك
بالفعل في دفع أقساط محددة لشركة التأمين، وعند إعطاء التعويض يعطي
الشخص المنكوب على أساس المبلغ الذي أمن به، لا على أساس خسائره
وحاجاته. . .
اما التأمين الإسلامي فلا يقوم على اشتراط دفع أقساط سابقة،
ولا يعطى المصاب بالجائحة إلا على أساس حاجته، وبمقدار ما يعوض
خسارته، ويفرج ضائقته (2).
ومن الغارمين من لزمته الديون لمصلحة الغير كمن يصلح بين أناس
تشاجروا على أموال أو دماء ويتحمل عنهم ويدفع لهم المال الذي يحل بينهم
المحبة بدلا من العداوة، وتركبه بسبب ذلك ديون لا يستطيع أداءها.
إن الإسلام قد قدر هذه المروءة فيهم، فقابل الجميل بالجميل،
وتحمل عنهم عند عجزهم ما تبرعوا به في مثل تلك المكرمات، وذلك
ليشجع الناس على البر، ويغريهم بفعل الخير، ويشعرهم بأن خزانة الدولة
__________
(1) نفسير الطبري (13/ 318).
(2) فقه الزكاة (623/ 2 - 624).
155