أن يحصل الخراج عنها كما رأى أمير المؤمنين.
وسأل عمر عمن يستطيع أن يضع الأرض مواضعها، ويقدر عليها
الخراج تقديرا صحيحا لا ظلم فيه ولا إرهاق، فدلوه على عثمان بن حنيف،
وقالوا: إن له بصرا وعقلا وتجربة.
فاًسرع إليه عمر فولاه مساحة أرض السواد، فأدت جباية سواد الكوفة
قبل أن يموت عمر- رضي الله عنه - بعام، مائة ألف ألف درهم - أي مائة
مليون درهم (1).
وبلغت مساحة السواد كله ستة وتلاتين ألف ألف جريب - أي ستة
وثلاتين مليون جريب - والجريب مساحة من الأرض مثل الفدان.
فجعل على كل جريب من أرض الشعير درهمين، وعلى كل جريب
من أرض الكرم والرطاب ستة دراهم، وعلى كل جريب من أرض النخل
تمانية دراهم، فجبى عمر السواد من الورق مائة ألف ألف وتمانية وعشرين
ألف ألف درهم (2).
وعند أبي يوسف، وضع على كل جريب عامر أو غامر يناله الماء بدلو
أو بغيره، زرع أو عطل درهما وقفيزا واحدا. . . وأخذ من جريب الكرم
عشرة دراهم، ومن جريب السمسم خمسة دراهم، ومن الخضر من غلة
الصيف من كل جريب تلاثة دراهم، ومن جريب القطن خمسة دراهم (3).
وقد وضع عمر - رضي الله عنه - على كل جريب مزروع أو معطل
قيمة واحدة، حكمة جليلة وحفز وإغراء بزراعة الأرض وعدم إهمالها، لأنه
إذا علم صاحب الأرض أن الخراج سيحصل منه زرع أو لم يزرع اجتهد في
الزراعة حتى لا يدفع الخراج عن لا شيء، وفي ذلك تنمية للثروة الزراعية،
وحث على زيادة الأرض المزروعة.
__________
(1) الخراج ص: 26.
(2) التراتيب الإدارية (294/ 1).
(3) الخراج ص: 38.
160