كتاب المدينة المنورة عاصمة الإسلام الأولى

رايك، فنعم ما قلت وما رأيت، فقال: قد بان لي الأمر (1).
فأين إذا الاستبداد بالرأي؟ وأين العدول عن رأي المجلس إلى رأيه
الخاص؟
قال أبو يوسف: والذي رأى عمر -رضي الله عنه - من الامتناع من
قسمة الأرضين بين من افتتحها عندما عرفه الله ما كان في كتابه من بيان ذلك توفيقا
من الله كان له فيما صنع، وفيه كانت الخيرة لجميع المسلمين، وفيما راه من
جمع خراج ذلك وقسمته بين المسلمين عموم النفع لجماعتهم، لأن هذا لو
لم يكن موقوفا على الناس في الأعطيات والأرزاق لم تشحن الثغور، ولم تقو
الجيوش على السير في الجهاد، ولما امن رجوع أهل الكفر إلى مدنهم إذا
خلت من المقاتلة والمرتزقة، والله أعلم بالخير حيث كان (2).
4 - الجزية:
هي الضريبة المفروضة على رقاب غير المسلمين، وهي واجبة على
جميع أهل الذمة ممن في السواد وغيرهم من اليهود والنصارى والمجوس
والصائبة والسامرة (3).
وكانت الجزية في عهد الرسول غير خاضعة لقواعد ثابتة من حيث
النوع والمقدار، فأما من حيث النوع فكانت تؤخذ أحيانا من العملة الذهبية،
وأحيانا تؤخذ مما يتيسر للناس من حلل وأنعام وأخشاب وغيرها.
فرسول الله - صلى الله عليه وسلم - قد جعل على كل حالم من أهل تبالة وجرش من
أهل الكتاب دينارا، وكذلك صالح أهل أيلة على كل حالم دينارا، فبلغت
ثلاتماثة دينار، وصالح أهل يقنا على ربع ما أخرجت نخيلهم، وربع ما
صادت عركهم، وربع ما اغتزلت نساوهم (4).
__________
(1) نفسه ص: 25 - 26.
(2) نفسه ص: 27.
(3) الخراج ص: 122.
(4) البلاذرى ص: 70 - 72.
163

الصفحة 163