كتاب المدينة المنورة عاصمة الإسلام الأولى

مر عليك فاًخذت منه صدقة فلا تأخذ منه شيئا إلى مثل ذلك اليوم من قابل،
إلا أن تجد فضلا (1).
وقال زياد: أول من بعث عمر بن الخطاب على العشور أنا، وأمرني ألا
أفتش أحدا (2)، وقال سويد بن غفلة: حضرت عمر بن الخطاب - رضي الله
عنه - وقد اجتمع إليه عماله، فقال: يا هؤلاء إنه بلغني أنكم تأخذون في
الجزية الميتة والخنزير والخمر، فقال بلال: أجل إنهم يفعلون ذلك، فقال
عمر: فلا تقسموا، ولكن ولوا أربابها بيعها، ثم خذوا الثمن منهم (3).
وكتب زياد بن جدير إلى عمر في قوم من أهل الجريب يدخلون
بتجارتهم فيقيمون في بلاد المسلمين، فرد عليه عمر: (إن أقاموا ستة أشهر
فخذ منهم العشر، وإن أقاموا سنة فخذ منهم نصف العشر) (4).
وقد أمر أمير المؤمنين عمر بأن يعطي من تعشر تجارته جوازا بالمبلغ
الذي دفعه ليكون وتيقة في يده إذا مر على العمال الاخرين، حتى لا يأخذوا
منهم العشور مرة أخرى (5).
وهنا يجب أن نقف وقفة عند هذه التوضيحات التي كان عمر - رضي
الله عنه - توضحها للعمال كلما سألوه عن شيء أو تبين هو أمرا كان خافيا،
لكي نرى براءة عمر وحسن تدبيره لسياسة الدولة المالية:
أولا: لقد حدد عمر ضريبة العشور في السنة مرة واحدة بشرط ألا يدخل
التاجر ببضاعة زائدة عن المرة الأولى، فإذا دخل بشيء زائد أخذ
العشر أو نصفه أو ربعه بحسب وضع التاجر عن الزائد فقط.
ثانيا: احترام التجار وعدم إهانتهم بالتفتيش لأنهم يجلبون إلى البلاد
خيرات هي في حاجة إليها، وإذا كانت التجارة التي يمرون بها
__________
(1) نفسه.
(2) نفسه ص: 135.
(3) نفسه: 126.
(4) مقومات الاقتصاد الإسلامي ص: 152.
(5) النظام المالي المقارن ص: 47.
168

الصفحة 168