كتاب المدينة المنورة عاصمة الإسلام الأولى

في بلاد المسلمين محرمة في ديننا، ولكنها مباحة في دينهم لا
نأخذ منها العشور ولكن نأخذ عن قيمتها، لأنها تجارة محترمة
عندهم وتدر عليهم ربحا.
ثالثا: الأمر بتخفيض الضريبة على من يقيم مدة أطول في بلادنا، وهي
نظرة عميقة من الجانب الاقتصادي، لأنه سينفق في بلاد
المسلمين طوال هذه المدة في مأكله ومشربه ونومه وحاجاته
الضرورية، ولأنه كذلك لن يمكث أكثر من ستة أشهر إلا إذا كان
معه من البضائع ما يكفي للاتجار فيها هذه المدة، وهو بذلك
يكون قد جلب إلى البلاد تجارة تساعدها على تأمين ما يحتاج إليه
السكان، ويكون قد أحدث انتعاشا في الاقتصاد ببيعه وشرائه إلى
غير ذلك.
رابعا: لفت أنظار العمال بوجوب إعطاء التاجر الذي تعشر تجارته سندا
يثبت أنه دفع الواجب عليها حتى إذا مر بعامل اخر في البلاد
الإسلامية لا يدفع عنها شيئا لأن البلاد الإسلامية كلها دولة واحدة
والحكومة التي تدير شؤونها. واحدة، فلا داعي لتعدد الضريبة في
الدولة الواحدة عن البضاعة الواحدة.
ومن المعلوم أن هذه الضريبة لم تكن تحصل إلا إذا انتقل التاجر من
بلد إلى بلد آخر، أما إذا بقي في بلده فإنه لا يدفع إلا الزكاة إذا كان مسلما
أو الجزية إذا كان ذميا.
ولقد راعى عمر - رضي الله عنه - ظروف البلاد وحاجاتها عند تحصيل
العشور، فهناك سلع قليلة الوجود في بلاد المسلمين، والمسلمون في حاجة
إليها كالزبيب والحبوب وأمثالها، لهذا كان عمر يأمر بتخفيض الضريبة إلى
%50 على هذه الأصناف تشجيعا للتجار على جلبها إلى بلاد المسلمين.
فقد ذكر ابن قدامة أن عمر أمر بتخفيض الضريبة على هذين الصنفين-
الزبيب والحبوب - بل أحيانا كان يأمر بإعفائهما من الضريبة (1).
__________
(1) المغني (603/ 10).
169

الصفحة 169